٦
المرجع العلمي وعدم تدوين الحديث
و
تفرق الصحابة
إنّ مرجعية الصحابة بعد رحيل النبي في حلّ المشاكل والمعضلات الطارئة في مختلف الأصعدة ، بمعنى مرجعية سنّة النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ التي حدّث بها النبي أو شوهد منه فعل أو تقرير ، ولكنّها إنّما تُزيح العلة وترفع حاجات الأُمّة إذا كانت مدونة في ضمن صحف ورسائل حتّى يتيسّر رجوع بغاة العلم وأهل الفتيا إليها ، ولكنّها ـ وللأسف ـ لم تكن مدونة في عصره ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ بل حالت الخلافة ، بينها وبين تدوينها قرابة قرن ونصف ـ فبعد ما بلغ السيل الزُّبى واندرس العلم وأُبيد معظمُ الصحابة والتابعين فعند ذلك وقف المسلمون على الرزيّة الكبرى التي مُنوا بها ، فعادوا يتداركونه ببذل جهود حثيثة في تقييد شوارد الحديث.
يقول ابن الأثير : لما انتشر الإسلام ، واتسعت البلاد ، وتفرقت الصحابة في الاقطار ، وكثرت الفتوح ، ومات معظم الصحابة ، وتفرّق أصحابهم وأتباعهم وقلّ الضبط ، احتاج العلماء إلى تدوين الحديث وتقييده بالكتابة ولعمري انّها الأصل ، فانّ الخاطر يغفل ، والذهن يغيب ، والذكر يُهمِل والعلم يحفظ ولا