الفصل الثالث
حجّية العقل
في مجالات خاصّة
إنّ الشيعة الإمامية أدخلت العقل في دائرة التشريع واعترفت بحجيته في الموارد التي يصلح له التدخل والقضاء فيها. فالعقل أحد الحجج الشرعية وفي مصافّ المصادر الأُخر للتشريع وبه يُكْشف الحكم الشرعي وتُبين وجهة نظر الشارع في مورده ، وانّه من الممتنع أن يحكم العقل بشيء ولا يحكم الشرع على وفاقه أو يحكم بخلافه إذا كان الموضوع من المواضيع التي يصلح للعقل أن يقضي فيه ، فالملازمة بين حكمي العقل والشرع حتمية.
ولا يهمّنا البحث في أنّ ما يدركه العقل في مورد ، هل هو نفس الحكم الشرعي أو انّه يكشف عن نظر الشارع إذا توفّرت فيه الشروط التي اعتبرها الشارع في حجّية إدراكاته.
وإنّما المهم أن نقف على أنّ العقل احتلّ محلاً خاصاً في التشريع الإسلامي وانّ كلّ ما يحكم به العقل فكأنّه ينطق على لسان الشرع كالكتاب والسنّة ، وعند ذلك يستند إليه الشارع في تبليغ أحكامه إلى الناس كما يستند إلى القرآن والسنّة.