نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ ...). (١)
والمواطن الكثيرة : هي هذه الجملة ، وذلك لأنّ النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ غزا سبعاً وعشرين غزوة ، وبعث خمساً وخمسين سرية ، وآخر غزواته يوم حنين ، وعجب المتوكل والفقهاء من هذا الجواب. (٢)
وقد ورد عن طريق آخر أنّه قال «بثمانين» مكان «ثلاثة وثمانين» وذلك لأنّ عدد المواطن التي نصر الله المسلمين فيها إلى يوم نزول هذه الآية كان أقلّ من ثلاثة وثمانين. (٣)
٤. الإشراقات الإلهية :
إنّ هناك مصدراً رابعاً لأحاديثهم نعبّر عنه بالإشراقات الإلهية ، وأيّ وازع من أن يخصّ سبحانه بعض عباده بعلوم خاصّة يرجع نفعها إلى العامّة من دون أن يكونوا أنبياء ، أو معدودين من المرسلين ، والله سبحانه يصف مصاحب موسى بقوله : (فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً) ولم يكن المصاحب نبيّاً بل كان وليّاً من أولياء الله سبحانه وتعالى بلغ في العلم والمعرفة مكاناً حتى قال له موسى ـ وهو نبيّ مبعوث بشريعة ـ : (هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً). (٤)
يصف سبحانه وتعالى جليس سليمان ـ آصف بن برخيا ـ بقوله : (قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا
__________________
(١) التوبة : ٢٥.
(٢) تذكرة الخواص : ٢٠٢.
(٣) مناقب آل أبي طالب : ٤ / ٤٠٢.
(٤) الكهف : الآية ٦٦.