والشواهد على ذلك أكثر من أن تُحصى أو أن تعدَّ ، إلاّ أنّا سنستعرض جانباً مختصراً منها : فمن ذلك ما كتبه معاوية بن أبي سفيان باستباحة دماء الشيعة أينما كانوا وكيفما كانوا ، وإليك نص ما ذكرته المصادر عن هذه الواقعة لتدرك محنة الشيعة :
محنة الشيعة في العصر الأموي
روى أبو الحسن علي بن محمّد بن أبي سيف المدائني في كتاب «الأحداث» قال : كتب معاوية نسخة واحدة إلى عُمّاله بعد عام الجماعة : أن برئت الذمة ممن روى شيئاً من فضل أبي تراب وأهل بيته ، فقامت الخطباء في كل كورة ، وعلى كل منبر ، يلعنون علياً ويتبرءون منه ويقعون فيه وفي أهل بيته ، وكان أشد الناس بلاء حينئذ أهل الكوفة ، لكثرة مَن بها من شيعة عليّ ـ عليهالسلام ـ فاستعمل عليها زياد بن سمية ، وضم إليه البصرة ، فكان يتتبَّع الشيعة وهو بهم عارف ، لأنّه كان منهم أيام عليّ ـ عليهالسلام ـ ، فقتلهم تحت كل حجر ومدر ، وأخافهم ، وقطع الأيدي والأرجل ، وسَمَلَ العيون ، وصلبهم على جذوع النخل ، وطردهم وشرَّدهم عن العراق ، فلم يبق بها معروف منهم ، وكتب معاوية إلى عمّاله في جميع الآفاق : ألاّ يجيزوا لأحد من شيعة علي وأهل بيته شهادة.
ثمّ كتب إلى عمّاله نسخة واحدة إلى جميع البلدان : انظروا من قامت عليه البيّنة أنّه يحبّ علياً وأهل بيته ، فامحوه من الديوان ، وأسقطوا عطاءه ورزقه ، وشفع ذلك بنسخة أُخرى : مَن اتهمتموه بموالاة هؤلاء القوم ، فنكّلوا به ، واهدموا داره. فلم يكن البلاء أشد ولا أكثر منه بالعراق ، ولا سيّما بالكوفة حتّى أنّ الرجل من شيعة عليّ ـ عليهالسلام ـ ليأتيه من يثق به ، فيدخل بيته ، فيُلقي إليه سرّه ، ويخاف من خادمه ومملوكه ، ولا يحدّثه حتى يأخذ عليه الأيمان الغليظة ، ليكتمنَّ عليه.