وميثاق من الله ، قال الله تعالى : (وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً) (١) ، وقال سبحانه : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً). (٢) إذن لا يجوز بحال أن ننقض هذه العصمة والمودة والرحمة ، وهذا العهد والميثاق ، إلاّ بعد أن نعلم علماً قاطعاً لكلّ شك ، بأنّ الشرع قد حلّ الزواج ، ونقضه بعد أن أثبته وأبرمه. (٣)
هذا كلّه حول الدليل الأوّل ، وأمّا الثاني أي التمسّك بالاستصحاب وبقاء العقد ، فكأنّه مكمّل له ، فإذا شككنا في بقاء العقد ونقضه ، فالاستصحاب هو المحكم ، إلاّ إذا دلّ الدليل على نقض الحالة السابقة.
الثالث : الطلاق المعلّق خارج عن القسمين
دلّ قوله سبحانه : (الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) (٤) على أنّ الطلاق يجب أن يتمتع بأحد الأمرين : إمساك بمعروف بالرجوع إليها ، أو تسريح بإحسان بتركها على حالها حتى تنقضي عدّتها ، والطلاق بالأجل والشرط ، خارج عن كلا القسمين ، فلو قال في أوّل السنة : أنت طالق في نهاية السنة ، أو أنت طالق عند رجوع الحجاج ، فالمرأة لا مأخوذة ولا متروكة حتّى تنقضي عدّتها ، لاحتمال عدم حصول المعلّق ، فتبقى في الزوجية.
الرابع : المطلّقة أشبه بالمعلّقة
إنّ عناية الإسلام بنظام الأُسرة الذي أُسّه النكاح والطلاق ، تقتضي أن يكون
__________________
(١) النساء : ٢١.
(٢) الروم : ٢١.
(٣) الفقه على المذاهب الخمسة : ٤١٤.
(٤) البقرة : ٢٢٩.