الطلاق المشروط. (١)
وإلى الأخير أشار الشيخ الطوسي أيضاً في خلافه فقال : الأصل بقاء العقد ، وإيقاع هذا الضرب من الطلاق يحتاج إلى دليل ، والشرع خال من ذلك. (٢)
وإلى الوجه الأوّل يشير ابن حزم فيقول : وبرهان عدم الصحة انّه لم يأت قرآن ولا سنّة بوقوع الطلاق بذلك ، وقد علّمنا الله الطلاق على المدخول بها ، وفي غير المدخول بها ، وليس هذا فيما علمنا (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ). (٣)
وتوضيح الوجه الأوّل : أنّ الطلاق ليس كالبيع والإجارة ، حيث إنّ الأخيرين من الأُمور العقلائية ، التي عليها رحى معاشهم وحياتهم فيُتّبع ما عليه العقلاء في ذينك الأمرين إلاّ إذا دلّ الدليل على اعتبار شيء زائد ، وهذا بخلاف الطلاق فهو وإن كان أمراً عرفياً ، لوجود الطلاق بين الناس قبل بزوغ شمس الإسلام لكن الإسلام تصرف فيه كثيراً ، وحدّ له حدوداً ، يظهر ذلك من مطالعة الآيات الواردة في سورة البقرة ، الآيات ٢٢٦ ـ ٢٣٢ ، والآية ٢٣٧ والآية ٢٤١ ، والآية ٤٩ من سورة الأحزاب ، والآية ٣١ من سورة الطلاق ، كلّ ذلك أضفى على الطلاق حقيقة وماهية ، تختلف مع تلك التي بين العقلاء ، فلا يتمسّك بما في يد العقلاء لتجويز ما شكّ ، بل يجب أن يرجع إلى الشرع ، فان تبيّن حكم الطلاق المعلّق فيُتبع ، وإلاّ فالحكم هو الاحتياط.
يقول الفقيه الفقيد الشيخ محمد جواد مغنية ـ رضوان الله عليه ـ : إنّ الإمامية يضيّقون دائرة الطلاق إلى أقصى الحدود ، ويفرضون القيود الصارمة على المطلِّق والمطلَّقة ، وصيغة الطلاق وشهود ، كلّ ذلك لأنّ الزواج عصمة ومودة ورحمة
__________________
(١) الانتصار : ٢٩٨ ـ ٢٩٩.
(٢) الخلاف : ٤ / ٤٥٨.
(٣) المحلّى : ١٠ / ٢١٣ ، المسألة ١٩٧٠.