لكن عزب عن المستدلّ أنّ اشتهار الحديث نتيجة الاستدلال به للقياس ولو لا كونه مصدراً لمقالة أهل القياس لما نال تلك الشهرة.
يقول السيد المرتضى : أمّا تلقّي الأُمّة له بالقبول ، فغير معلوم ، فقد بيّنا أنّ قبول الأُمّة لأمثال هذه الأخبار كقبولهم لمسّ الذكر ، وما جرى مجراه ممّا لا يُقطع به ولا يُعلم صحّته. (١)
إلى هنا تمّ مناقشة الحديث سنداً ودلالة ، وتبيّن أنّ الحديث غير صالح للاحتجاج به.
الصور الأُخرى للحديث
إنّ الحديث قد ورد بصور مختلفة وبينها تضادّ كبير في المضمون ، وإليك هذه الصور :
الصورة الأُولى : ما رواه ابن حزم قال : حدثنا حمام وأبو عمر الطلمنكي قال حمام : حدثنا أبو محمد الباجي ، حدثنا عبد الله بن يونس ، قال : حدثنا بقى (٢) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة.
وقال الطلمنكي : حدثنا ابن مفرج ، حدثنا إبراهيم بن أحمد بن فراس ، قال : حدثنا محمد بن علي بن زيد ، حدثنا سعيد بن منصور ، ثمّ اتّفق ابن أبي شيبة وسعيد كلاهما عن أبي معاوية الضرير. حدثنا أبو إسحاق الشيباني عن محمد بن عبيد الله الثقفي ـ أبو عون ـ قال : لمّا بعث رسول الله معاذاً إلى اليمن ، قال : يا معاذ بم تقضي؟ قال : أقضي بما في كتاب الله ، قال : فإن جاءك
__________________
(١) الذريعة إلى أُصول الشريعة : ٢ / ٧٧٤.
(٢) هكذا في المصدر.