لم تلق فرقة ولا بُلي أهل مذهب بما بُليت به الشيعة ، حتّى إنّا لا نكاد نعرف زماناً تقدّم سلمت فيه الشيعة من الخوف ولزوم التقية ، ولا حالاً عريت فيه من قصد السلطان وعصبيته وميله وانحرافه. (١)
هذه لمحة خاطفة لمحنة الشيعة في العصر العباسي وقد دام الأمر على هذه الوتيرة في العصور المتأخرة لا سيما في عصر الأيوبيين والعثمانيين.
محنة الشيعة في العصرين : الأيوبي والعثماني
ما إن انتزع صلاح الدين الأيّوبي الملك من الفاطميين حتّى قام بعزل القضاة الشيعة واستناب عنهم قضاة شافعية ، وأبطل من الأذان «حي على خير العمل» وتظاهر الناس بمذهب مالك والشافعي ، واختفى مذهب التشيع إلى أن نسي من مصر ، وكان يحمل الناس على التسنن وعقيدة الأشعري ، ومن خالف ضربت عنقه ، وأمر أن لا تقبل شهادة أحد ولا يقدم للخطابة ولا للتدريس إلاّ إذا كان مقلداً لأحد المذاهب الأربعة ، قال الخفاجي في كتابه «الأزهر في ألف عام» ما ن (٢) صه : فقد غالى الأيوبيون في القضاء على كلّ أثر للشيعة.
وأمّا في العصر العثماني فقد تولى السلطان سليم زعامة السنة واستحصل على فتوى من شيوخ السوء بأنّ الشيعة خارجون على الدين يجب قتلهم ولذلك أمر بقتل كلّ من كان معروفاً بالتشيع داخل بلاده.
وبهذا الأمر قُتل في الأناطول وحدها أربعون ألفاً وقيل سبعون ، لا لشيء إلاّ لأنّهم شيعة. وجاء في «الفصول المهمة» للسيد شرف الدين انّ الشيخ نوح الحنفي
__________________
(١) الطوسي : تلخيص الشافي : ٢ / ٥٩.
(٢) الأزهر في ألف عام : ١ / ٥٨.