١
الإفتاء بالرأي
إنّ ردّ الفرع إلى الأصل ، واستخراج حكم الواقعة من الأُصول الكلية ، ليس إفتاءً بالرأي وإنّما هو إفتاء بالدليل وبالكتاب والسنّة ، غاية الأمر انّ الكتاب أدلى ، والسنّة أشارت إلى القاعدة ، والمستنبط يستخرج حكم الواقعة الجزئية من الضوابط الكلية ، وهذا هو الاجتهاد الصحيح الذي هو رمز بقاء الشريعة ولولاه لما قامت لخاتمية الإسلام دعامة ، ومن أنكره فإنّما ينكره بلسانه ويذعن به بقلبه.
إنّ الإفتاء بالمقاييس الظنية التي لم تثبت حجيتها بدليل قاطع هو الإفتاء بالرأي ، والصحابة بعد رحيل النبي إذا لم يجدوا في الواقعة المستجدة دليلاً من الكتاب والسنّة أفتوا بتلك المقاييس ، وربّما تشاوروا فأخذوا بالرأي الراجح المظنون انّه حكم الله سبحانه ، ومن المعلوم أنّ الإفتاء بهذا النوع من الرأي ، ليس إفتاءً بحكم الله سبحانه ، بل أشبه بالأحكام الوضعية الرائجة في الغرب غاية الأمر انّهم كانوا يلتجئون إلى هذا النوع من الحكم بعد اليأس عن وجود دليل في الكتاب والسنّة ، وإليك شواهد على ذلك.
١. عن ميمون بن مهران قال : كان أبو بكر إذا ورد عليه الخصم نظر في كتاب الله ، فإن وجد فيه ما يَقْضي بينهم قضى به ، وإن لم يكن في الكتاب وعُلِمَ عن رسول الله في ذلك الأمر سنّة قضى بها ، فإن أعياه خرج ، فسأل المسلمين ،