ثمّ أُبيح النظر إلى بعض المواضع للحاجة ، كرؤية الطبيب ، فأعملت علّة التيسير هنا في هذا الموضع. (١)
إنّ الأُستاذ وإن أصاب في تقديم الدليل الثاني على الأوّل ولكنّه لم يذكر وجهه ، فانّ المقام داخل تحت العناوين الثانوية فتقدم على أحكام العناوين الأوّلية ، فقوله سبحانه : (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (٢) يدلّ على أنّ كلّ حكم حرجي مرفوع في الإسلام وغير مشرّع ، فلو افترضنا انّ بدن المرأة عورة كلّه يجب عليها ستره ، لكن هذا الحكم يختص بغير حالة الضرورة ، وذلك لتقدم أحكام العناوين الثانوية كالضرورة والاضطرار على العناوين الأوّلية ، فقوله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ : «رفع عن أُمّتي ما اضطروا إليه» دليل على إباحة الرؤية ، فأي صلة لهذه المسألة بالاستحسان ، وما هذا إلاّ لأنّ القوم لم يقيّموا مصادر التشريع حسب مراتبها فأسموا مثلَ ذلك بالاستحسان.
الاستدلال على حجّية الاستحسان
استدلّوا على حجّية الاستحسان بوجوه :
الاستدلال بالكتاب والسنّة
الأوّل : قوله سبحانه : (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللهُ وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ). (٣)
__________________
(١) أُصول الفقه : ٢٤٧ ـ ٢٤٩.
(٢) الحج : ٧٨.
(٣) الزمر : ١٨.