٤. قوله سبحانه : (لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً)
أنّه لو صحّ التطليق ثلاثاً فلا يبقى لقوله سبحانه : (لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً) فائدة ، لأنّه يكون بائناً ويبلغ الأمر إلى ما لا تحمد عقباه ، ولا تحل العقدة إلاّ بنكاح رجل آخر وطلاقه ، مع أنّ الظاهر أنّ المقصود حلّ المشكل من طريق الرجوع أو العقد في العدّة.
ثانياً : الاستدلال عن طريق السنّة
قد تعرّفت على قضاء الكتاب في المسألة ، وأمّا حكم السنّة ، فهي تعرب عن أنّ الرسول كان يعدّ مثل هذا الطلاق لعباً بالكتاب.
١. أخرج النسائي عن محمود بن لبيد قال : أُخبر رسول الله عن رجل طلّق امرأته ثلاث تطليقات جميعاً ، فقام غضبان ثم قال : أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم؟! حتى قام رجل وقال : يا رسول الله ألا أقتله؟ (١)
ومحمود بن لبيد صحابي صغير وله سماع ، روى أحمد باسناد صحيح عنه قال : أتانا رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ فصلّى بنا المغرب في مسجدنا ، فلما سلّم منها ، قال : اركعوا هاتين الركعتين في بيوتكم ، للسبحة بعد المغرب. (٢)
وهذا دليل على سماعه من الرسول ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ، وقد نقله الحافظ ابن حجر في «الإصابة». (٣)
ولعلّ هذا الرجل الذي طلّق امرأته ثلاث تطليقات هو (ركانة) الذي يأتي
__________________
(١) سنن النسائي : ٦ / ١٤٢ ؛ الدر المنثور : ١ / ٢٨٣.
(٢) مسند أحمد : ٥ / ٤٢٧.
(٣) لاحظ : ٦ / ٦٧.