نعم بعض علماء أهل السنّة في هذه العصور فنّد هذا النوع من الطلاق ، ولأجل ذلك تغيّر قانون محاكم مصر الشرعية وخالف مذهب الحنفية بعد استقلالها وتحرّرها عن سلطنة الدولة العثمانية. كما أنّ عدداً من مفتي أهل السنّة عمِد إلى تفنيد هذا النوع من الطلاق ، في هذا الإطار يقول مؤلّف المنار بعد البحث الضافي حول المسألة : ليس المراد مجادلة المقلّدين أو إرجاع القضاة والمفتين عن مذاهبهم ، فإنّ أكثرهم يطّلع على هذه النصوص في كتب الحديث وغيرها ولا يبالي بها ، لأنّ العمل عندهم على أقوال كتبهم دون كتاب الله وسنّة رسوله. (١)
٤. تغيّر الأحكام بالمصالح
ولابن قيم الجوزية كلام مسهب في تحليل إمضاء عمر الطلاق ثلاثاً ، وهو يعتمد على تغيّر الأحكام بالمصالح ، ويخلط الصحيح بالسقيم ، وإليك ملخّص كلامه :
قال : الأحكام نوعان :
نوع لا يتغيّر عن حالة واحدة هو عليها ، لا بحسب الأزمنة ولا الأمكنة ولا اجتهاد الأئمّة ، كوجوب الواجبات وتحريم المحرّمات والحدود المقدرة بالشرع على الجرائم.
والنوع الثاني : ما يتغيّر بحسب اقتضاء المصلحة له زماناً ومكاناً وحالاً ، كمقادير التعزيرات وأجناسها وصفاتها ـ ثمّ أتى بأمثلة كثيرة في باب التعزيرات ـ وقال : ومن ذلك أنّه رضى الله عنه ـ يريد عمر بن الخطاب ـ لمّا رأى الناس قد
__________________
(١) تفسير المنار : ٢ / ٣٨٦ ، الطبعة الثالثة ـ ١٣٧٦ ه.