أكثروا في الطلاق ، رأى أنّهم لا ينتهون عنه إلاّ بعقوبة ، فرأى إلزامهم بها عقوبة لهم ليكفّوا عنها ، وذلك :
إمّا من التعزير العارض الذي يفعل عند الحاجة كما كان يضرب في الخمر ثمانين ويحلق فيها الرأس.
وإمّا ظنّاً أنّ جعل الثلاث واحدة كان مشروعاً بشرط وقد زال.
وإمّا لقيام مانع قام في زمنه منع من جعل الثلاث واحدة.
ـ إلى أن قال : ـ فلمّا رأى أمير المؤمنين أنّ الله سبحانه عاقب المطلِّق ثلاثاً ، بأن حال بينه وبين زوجه وحرّمها عليه حتى تنكح زوجاً غيره ، علم أنّ ذلك لكراهة الطلاق المحرّم ، وبغضه له ، فوافقه أمير المؤمنين في عقوبته لمن طلّق ثلاثاً بأن ألزمه بها وأمضاها عليه. وقال :
فإن قيل : كان أسهل من ذلك أن يمنع الناس من إيقاع الثلاث ، ويحرمه عليهم ويعاقب بالضرب والتأديب من فعله لئلاّ يقع المحذور الذي يترتّب عليه.
قيل : نعم ، لعمر الله كان يمكنه ذلك ، ولذا ندم في آخر أيامه وودَّ أنّه كان فعله ، قال الحافظ أبو بكر الإسماعيلي في مسند عمر : أخبرنا أبو يعلى ، حدثنا صالح بن مالك ، حدثنا خالد بن يزيد بن أبي مالك ، عن أبيه قال : قال عمر بن الخطاب : ما ندمت على شيء مثل ندامتي على ثلاث : أن لا أكون حرّمت الطلاق ، وعلى أن لا أكون أنكحت الموالي ، وعلى أن لا أكون قتلت النوائح.
وليس مراده من الطلاق الذي حرّمه ، الطلاق الرجعيّ الذي أباحه الله تعالى وعلم من دين رسول الله جوازه ، ولا الطلاق المحرّم الذي أجمع المسلمون على تحريمه كالطلاق في الحيض والطهر المجامع فيه ، ولا الطلاق قبل الدخول ، فتبيّن قطعاً أنّه أراد تحريم الطلاق الثلاث ـ إلى أن قال : ـ ورأى عمر أنّ المفسدة تندفع