بالنص لا بالقياس وعلى فرض كونه قياساً فهو حجّة عند الجميع نظير الاحتجاج بقوله سبحانه : (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ) على تحريم ال (١) ضرب ، ولا شكّ في وجوب الأخذ بهذا الحكم ، لأنّه مدلول عرفي يقف عليه كلّ من تدبّر في الآية.
الثامن : تنقيح المناط
إذا اقترن الموضوع في لسان الدليل بأوصاف وخصوصيات لا يراها العرف دخيلة في الموضوع ويتلقّاها من قبيل المثال ، كما إذا ورد في السؤال : رجل شكّ في المسجد بين الثلاث والأربع فأجيب بأنّه يبني على كذا ، فانّ السائل وإن سأل عن الرجل الذي شكّ في المسجد ، لكنّه يتلقّى العرف تلك القيود ، مثالاً ، لا قيداً للحكم ، أي بأنّه يبني على كذا ، فيعمّ الرجل والأُنثى ومن شكّ في المسجد والبيت.
إنّ تنقيح المناط على حدّ يساعده ، الفهم العرفي ممّا لا إشكال فيه ، ولا صلة له بالقياس ، إذ لا أصل ولا فرع ، بل الحكم يعمّ الرجل والأُنثى ، والشاك في المسجد والبيت ، مرة واحدة.
ولعلّ من هذا القبيل قصة الأعرابي حيث قال : هلكت يا رسول الله ، فقال له : ما صنعت؟ قال وقعت على أهلي في نهار رمضان ، قال : اعتق. (٢)
والعرف يساعد على إلغاء القيود الثلاثة التالية وعدم مدخليتها في الحكم.
١. كونه أعرابياً.
٢. الوقوع على الأهل.
٣. صيام شهر رمضان.
__________________
(١) الإسراء : ٢٣.
(٢) صحيح مسلم ، كتاب الصيام ، الحديث ١٨٧ ، وقد روي بطرق مختلفة وباختلاف يسير في المتن.