ينظروا إلى المسألة ويتطلبوا حكمها من الكتاب والسنّة ، متجرّدين عن كلّ رأي مسبق فلعلّ الله يحدث بعد ذلك أمراً ، وربّما تفك العقدة ويجد المفتي مَخلصاً من هذا المضيق الذي أوجده تقليد المذاهب.
وإليك نقل الأقوال :
قال الشيخ الطوسي : إذا طلّقها ثلاثاً بلفظ واحد ، كان مبدعاً ووقعت واحدة عند تكامل الشروط عند أكثر أصحابنا ، وفيهم من قال : لا يقع شيء أصلاً وبه قال عليّ ـ عليهالسلام ـ وأهل الظاهر ، وحكى الطحاوي عن محمد بن إسحاق أنّه تقع واحدة كما قلناه ، ورُوي أنّ ابن عباس وطاوساً كانا يذهبان إلى ما يقوله الإمامية.
وقال الشافعي : فإن طلّقها ثنتين أو ثلاثاً في طهر لم يجامعها فيه ، دفعة أو متفرّقة كان ذلك مباحاً غير محذور ووقع. وبه قال في الصحابة عبد الرحمن بن عوف ، ورووه عن الحسن بن علي ـ عليهماالسلام ـ ، وفي التابعين ابن سيرين ، وفي الفقهاء أحمد وإسحاق وأبو ثور.
وقال قوم : إذا طلّقها في طهر واحد ثنتين أو ثلاثاً دفعة واحدة ، أو متفرقة ، فعل محرّماً وعصى وأثم ، ذهب إليه في الصحابة عليّ ـ عليهالسلام ـ ، وعمر ، وابن عمر ، وابن مسعود ، وابن عباس ، وفي الفقهاء أبو حنيفة وأصحابه ومالك ، قالوا : إلاّ أنّ ذلك واقع. (١)
قال ابن رشد : جمهور فقهاء الأمصار على أنّ الطلاق بلفظ الثلاث حكمه حكم الطلقة الثالثة ، وقال أهل الظاهر وجماعة : حكمه حكم الواحدة ولا تأثير للفظ في ذلك. (٢)
__________________
(١) الخلاف : ٢ كتاب الطلاق ، المسألة ٣. وعلى ما ذكره ، نقل عن الإمام عليّ رأيان متناقضان : عدم الوقوع والوقوع مع الإثم.
(٢) بداية المجتهد : ٢ / ٦١ ، ط بيروت.