مذهب الإمام مالك في مثل هذه المشاكل ، فأبى الشيخ كلّ الإباء واستنكر هذا الرأي أشدّ استنكار ، وكان بين الأُستاذ وتلميذه جدال جادّ في هذا الشأن لم يؤثر على ما كان بينهما من مودة وعطف ، وما زال الأُستاذ الوالد ـ حفظه الله ـ ... برأيه ، معتقداً صحّته وفائدته للناس. (١)
ولو كان والد الشيخ أحمد (محمد شاكر) مطلعاً على فقه أئمّة أهل البيت ـ عليهمالسلام ـ وانّ لهم في هذه المشاكل المستعصية حلولاً واضحة مأخوذة من الكتاب والسنّة ، لاقترح على أُستاذه الرجوعَ إليه.
كيف والإمام جعفر الصادق ـ عليهالسلام ـ أبو الفقهاء ، وقد تتلمذ على يده الأئمّة الأربعة إمّا مباشرة أو بالواسطة.
إنّ أغلب المشاكل التي واجهت الشيخ في المحاكم هي إعسار الزوج ، وإضراره بالزوجة ، وغيبته الطويلة وما ضاهاها ، ولم يكن في فقه الإمام أبي حنيفة حلولاً لها ، مع أنّ هذه المشاكل مطروحة في الفقه الإمامي بأوضح الوجوه.
وكان الأولى بوالد الشيخ أن يقترح كسر طوق التقليد والرجوع إلى الكتاب والسنّة لاستنباط الأحكام الشرعية من دون التزام برأي إمام دون إمام ، وهذا هو الحجر الأساس لحلّ هذه المعضلات ، ولم يزل الفقه الإمامي منادياً بهذا الأصل عبر القرون.
نحن نعلم علماً قاطعاً بأنّ الإسلام دين سهل وسمح ، وليس فيه حرج وهذا يدفع الدعاة المخلصين إلى دراسة المسألة من جديد دراسة حرّة بعيدة عن أبحاث الجامدين الذين أغلقوا باب الاجتهاد في الأحكام الشرعية أمام وجوههم ، وعن أبحاث أصحاب الهوى الهدّامين الذين يريدون تجريد الأُمم من الإسلام ، حتى
__________________
(١) نظام الطلاق في الإسلام : ١٠٩.