وثانياً : أنّ الغاية من الاجتهاد تارة يكون تحصيل العلم بالحكم الشرعي وأُخرى تحصيل الحجّة القطعية عليه ، وكون الشيء حجّة قطعية لا يلازم كون مفاده قطعياً وعلماً واقعياً بالحكم الشرعي ، كما في الخبر الواحد القائم على حكم من الأحكام ، فقد قام الدليل القطعي على حجّيته ، فهو حجّة قطعاً ومع ذلك لا يفيد العلم بالحكم الشرعي.
وأفضل التعاريف ما عرّفه الشيخ بهاء الدين العاملي في «زبدة الأُصول» وقال : بأنّه ملكة يقتدر بها على استنباط الحكم الشرعي الفرعي من الأصل ، فعلاً أو قوّة قريبة من الفعل. (١)
وقوله : «فعلاً أو قوة» قيدان للاستنباط لا للملكة للزوم فعلية الملكة.
نعم يرد عليه : انّ الغاية من الاجتهاد أعمّ من استنباط الحكم الشرعي الفرعي أو الوظيفة الفعلية ، كالبراءة والاشتغال عند اليأس عن الدليل الاجتهادي.
٢. الاجتهاد المطلق والاجتهاد في مذهب خاص
المراد من الاجتهاد المطلق هو أن يجتهد على وفق الأُصول والمعايير التي حصلها قبل الاستنباط واعتمد عليها في علم الأُصول وغيره وأثبت حجّيتها.
وبعبارة أُخرى : أن يستنبط الحكم الشرعي على وفق المنهاج الذي اختاره بنفسه ، والمراد من الاجتهاد في المذهب هو الاجتهاد على وفق الأُصول التي قررها إمام مذهبه ويلتزم بمنهاجه وأُصوله التي اعتبرها.
نعم ربما يخالف الواحد منهم مذهب إمامه في بعض الأحكام الفرعية ،
__________________
(١) زبدة الأُصول : ١٥٠ ، المنهج الرابع في الاجتهاد والتقليد.