وثانياً : أنّ النبي بصدد بيان السنّة بفعله ، فانّها كما تبلغ بالقول بأن يقول القبلة لا تبطل الصوم ، كذلك تبلغ بالفعل ، وهو بفعله حكى السنة وأين هذا من القياس.
هذه هي الأحاديث التي تشبّثوا بها في إثبات القياس ، وقد عرفت قصور الجميع في الدلالة ، وقصور بعضها في السند ، وإليك دراسة بقية أدلّتهم.
٣. الاستدلال بإجماع الصحابة
وقد اعتبر الآمدي إجماع الصحابة أقوى الأدلة وقال ابن عقيل الحنبلي : وقد بلغ التواتر المعنوي عن الصحابة باستعماله وهو قطعي.
وقال الصفي الهندي : دليل الإجماع هو المعوَّل لجماهير المحقّقين من الأُصوليين وقال الرازي في المحصول : مسلك الإجماع هو الذي عول عليه جمهور الأُصوليين. (١)
ثمّ إنّ الرازي استدلّ بدليل مؤلف من مقدّمات ثلاث :
المقدّمة الأُولى : إنّ بعض الصحابة ذهب إلى العمل بالقياس والقول به.
المقدّمة الثانية : إنّه لم يوجد من أحدهم إنكار أصل القياس ، فلأنّ القياس أصل عظيم في الشرع نفياً أو إثباتاً فلو أنكر بعضهم لكان ذلك الإنكار أولى بالنقل من اختلافهم ، ولو نقل لاشتهر ، ولوصل إلينا فلمّا لم يصل إلينا علمنا أنّه لم يوجد.
__________________
(١) الأحكام للآمدي : ٣ / ٨١.