٢
اعتراف الصحابة بقصور علمهم بالشريعة
إنّ هناك شواهد تاريخية تحفل بها كتب التاريخ والمعاجم على قصور علم جُلّ الصحابة عن الإحاطة بالأحكام ولذلك يرجع بعضهم إلى بعض ، وربما لا ينتهي إلى نتيجة ونذكر هنا نماذج :
١. روى ابن عساكر في تاريخه عن أبي عبيدة (بن عبد الله بن مسعود) قال : أرسل عثمان إلى أبي يسأله عن رجل طلّق امرأته ثمّ راجعها حين دخلت في الحيضة الثالثة ، فقال أبي : وكيف يفتي منافق؟ فقال عثمان : نعيذك بالله أن تكون منافقاً ، ونعوذ بالله أن نسمّيك منافقاً ، ونعيذك بالله أن تكون مثل هذا ، قال : أولى أنّه إذاً أحقّ بها ما لم تغتسل من الحيضة الثالثة ، وتحل لها الصلاة.
قال : لا أعلم عثمان إلاّ أخذ بذلك. (١)
وذيل الرواية يدلّ على أنّ عثمان لم يكن جازماً بصحة ما أفتى به ابن مسعود ولكنّه أخذ به لأجل الضرورة ، فإذا كان هذا حال من جلس على منصَّة الحكم فما ظنك بغيره.
٢. روى ابن عساكر في تاريخه عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي : أنّه أُتي في فريضة ابني عم ، أحدهما أخ لأُمّ فقالوا : أعطاه ابن مسعود المال كلّه ، فقال : يرحم الله ابن مسعود ، إن كان لفقيهاً لكني أعطيه سهم الأخ من الأُمّ من قبل أُمّه ،
__________________
(١) تاريخ مدينة دمشق : ٣٣ / ١٥٠.