ويصرح به النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ في خطابه التاريخي في حجة الوداع إذ يقول : «أيّها الناس والله ما من شيء يقربكم من الجنة ويباعدكم من النار إلاّ وقد أمرتكم به ، وما من شيء يقربكم من النار ويباعدكم من الجنة إلاّ وقد نهيتكم عنه». (١)
وقد أكد الإمام عليّ ـ عليهالسلام ـ على هذه الحقيقة أي اكتمال الدين وغناء الأُمّة عن الرجوع إلى القوانين الوضعية التي مصدرها رأي نواب الأُمّة ، وقال : «أم أنزل الله سبحانه ديناً ناقصاً فاستعان بهم على إتمامه؟ أم كانوا شركاء له ، فلهم أن يقولوا وعليه أن يرضى؟ أم أنزل الله سبحانه ديناً تاماً فقصّر الرسول ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ عن تبليغه وأدائه ، والله سبحانه يقول : (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ) وفيه تبيان لكلّ شيء). (٢)
فإذا كان الله قد أكمل دينه فلا نقصان فيه ، والرسول الأعظم ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ لم يقصِّر عن تبليغه وأدائه ، وكانت الصحابة عاجزة عن حل المعضلات الجديدة التي تواجهها في حياتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ، فمن المرجع والمفزع للمسلمين عند ذاك؟
ترى أنّ الكتاب والسنّة يحكمان بكمال الدين في كلّ ما تحتاج إليه الأُمّة إلى يوم القيامة في الأُصول والفروع ، في الحوادث الفعلية ، أو المستجدة وعندئذ كيف يمكن القول بأنّ مصدر القوانين هو الأُمّة وما هذه إلاّ امتداد لنفس الفكرة في عصر الصحابة لكن بنحو آخر حيث قام رأي الأُمّة ، مكانَ رأي الصحابي واجتهاده وسعيه في بيان حكم الواقعة.
إلى هنا تبيّن انّ الصحابة ـ مع الاعتراف بفضلهم ـ لم يستوعبوا الأحكام الشرعية ولذلك التجئوا إلى العمل بالرأي.
وهناك شواهد أُخرى على العمل بالرأي أعرضنا عن ذكرها مخافة الإطناب.
__________________
(١) الكافي : ٢ / ٧٤.
(٢) نهج البلاغة : الخطبة رقم ١٨.