شيء : حل ولا حرم إلاّ من جهة العلم ، وجهة العلم الخبر في الكتاب أو السنّة أو الإجماع أو القياس. (١) وقبل الدخول في صلب الموضوع نقدّم أُموراً :
الأوّل : القياس لغة واصطلاحاً
قال في «لسان العرب» : قاس الشيء يقيسه قَيساً : إذا قدّره على مثاله والمقياس : المقدار. (٢)
ومن ذلك يقال : قاس الثوب بالذراع إذا قدّره به ، وفي كلام عليّ ـ عليهالسلام ـ : «لا يقاس بآل محمّد من هذه الأُمّة أحد» أي لا يسوّى بهم أحد.
وأمّا اصطلاحاً فيستعمل في موردين ، أحدهما مهجور والآخر ذائع.
الأوّل : التماس العلل الواقعية للأحكام الشرعية من طريق العقل وجعلها مقياساً لصحة النصوص الشرعيّة فما وافقها يحكم عليه انّه حكم الله الذي يُؤخذ به وما خالفها كان موضعاً للرفض أو التشكيك ، وعلى هذا النوع من الاصطلاح تنزّل التعبيرات الشائعة : انّ هذا الحكم موافق للقياس وذلك الحكم مخالف له.
وقد كان القياس بهذا المعنى مثارَ معركة فكرية واسعة النطاق على عهد الإمام الصادق ـ عليهالسلام ـ وبعض فقهاء عصره. وعلى هذا الاصطلاح دارت المناظرة التالية بين الإمام وأبي حنيفة : روى أبو نعيم بسنده عن عمرو بن جميع : دخلتُ على جعفر بن محمد أنا وابن أبي ليلى وأبو حنيفة ، فقال لابن أبي ليلى : من هذا
__________________
(١) الرسالة : ٣٩ ، تحقيق حمد محمد شاكر.
(٢) لسان العرب : مادة قاس.