٤. ما هي العوامل التي سببت الإغلاق؟
ثمّ إنّ المهم هو كشف العوامل التي سبّبت إغلاق باب الاجتهاد. فقد ذكر الأُستاذ مصطفى أحمد الزرقاء عوامل ثلاثة نأتي بها بنصها :
أ. التعصّب المذهبي
فقد تعصّب التلاميذ لآثار أساتذتهم من الأئمّة المجتهدين الّذين أناروا العصر السابق ، وكشفوا ظلمات المسائل بنور عقولهم الساطع.
إنّ التعصّب لفكرة تحمل الإنسان على الجمود عليها والتعلّق بأهدابها ، ودعوة الناس إليها دون سواها ، وهكذا فعل أُولئك الذين جاءوا بعد الأئمة السابقين ، فقد عنوا بدراسة مذاهبهم ونشرها بدلاً من السير على منهاجها ، والاجتهاد كما اجتهد أصحابها ، فوثق الناس بالسابقين وشكّوا في أنفسهم.
ب. ولاية القضاء
فقد كان الخلفاء يختارون القضاة أوّل الأمر من المجتهدين لا من مقلّديهم ، ولكنّهم فيما بعدُ آثروا اختيارهم من المقلّدين ، ليقيدوهم بمذهب معين ، ويعيّنوا لهم ما يحكمون على أساسه بحيث يكونون معزولين عن كلّ قضاء يخالف ذلك المذهب ، ولأنّ بعض القضاة المجتهدين كان يتعرض الفقهاء المذهبيون لتخطئته ، فيكون حكمه مثاراً لنقد الناس لا سبب اطمئنان لهم.
وهكذا كان تقيّد القاضي بمذهب يرتضيه الخليفة سبباً في اكتفاء أكثر الناس به وأقبالهم عليه.