المجتمع الإسلامي بقضاء وقدر من الله سبحانه وليس لأحد فيه الاختيار ولا الاعتراض ، وعلى ذلك فالفقر المدقع السائد بين أكثر المسلمين تقدير من الله ، والترف الذي يعيشه الأمويون ، والظلم الذي يُلحقونه بالمسلمين تقدير من الله.
ولما كانت تلك المزعمة مخالفة لضرورة الدين وبعثة الأنبياء ، قام غير واحد بوجه هذه الفكرة ، وسكت كثيرون خوفاً من بطش الأمويين ، فكتموا عقيدتهم وسلكوا مسلك التقيّة.
١. هذا هو ابن سعد يروي عن الحسن البصري بانّه كان يخالف الأمويين في القدر بالمعنى الذي تتبنّاه السلطة آنذاك فلما خوّفه بعض أصدقائه من السلطان ، وعد أن لا يعود.
روى ابن سعد في طبقاته عن أيوب قال : نازلت الحسن في القدر غير مرة حتّى خوّفته من السلطان ، فقال : لا أعود بعد اليوم. (١)
٢. كتب المأمون إلى إسحاق بن إبراهيم رئيس الشرطة في بغداد أن يُشخص إليه سبعة نفر من المحدثين منهم :
١. محمد بن سعد كاتب الواقدي ، ٢. أبو مسلم ، مستملي يزيد بن هارون ، ٣. يحيى بن معين ، ٤. زهير بن حرب أبو خثيمة ، ٥. إسماعيل بن داود ، ٦. إسماعيل بن أبي مسعود ، ٧. أحمد بن الدورقي فامتحنهم المأمون وسألهم عن خلق القرآن ، فأجابوا جميعاً انّ القرآن مخلوق فأشخصهم إلى مدينة السلام ، وأحضرهم إسحاق بن إبراهيم داره فشهّر أمرهم وقولهم بحضرة الفقهاء والمشايخ من أهل الحديث فأقرّوا بمثل ما أجابوا به المأمون فخلّى سبيلهم. وقد فعل إسحاق بن إبراهيم ذلك بأمر المأمون.
__________________
(١) طبقات ابن سعد : ٧ / ١٦٧ ، ط بيروت.