وبما انّ المسألة عندنا موضع وفاق نقتصر على هذا المقدار ، وقد وافقَنا فيها الظاهريّة ، قال ابن حزم ـ الذي يُمثِّل فقهُه ، فقه الظاهريين ـ : إذا قال : إذا جاء رأس الشهر فأنت طالق ، أو ذكر وقتاً ما ، فلا تكون طالقاً بذلك لا الآن ولا إذا جاء رأس الشهر. برهان ذلك : انّه لم يأت قرآن ولا سنّة بوقوع الطلاق بذلك ، وقد علّمنا الله الطلاق على المدخول بها وفي غير المدخول بها ، وليس هذا فيما علّمنا (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ). (١)
وقال السبكي : قد أجمعت الأُمّة على وقوع المعلّق كوقوع المنجّز ، فإنّ الطلاق ممّا يقبل التعليق ، ولا يظهر الخلاف في ذلك إلاّ عن طوائف من الروافض ، ولما حدث مذهب الظاهريّين المخالفين لإجماع الأُمّة المنكرين للقياس خالفوا ذلك ـ إلى أن قال ـ : ولكنّهم قد سبقهم الإجماع. (٢)
أدلّة القائل بالبطلان
الأوّل : الطلاق المشروط غير مسنون
إنّ تعليق الطلاق بالشرط غير مسنون ، والمشروع في كيفية الطلاق غيره ، فيجب أن لا تتعلّق به حكم الفرقة ، لأنّ الفرقة حكم شرعي ، والشرع هو الطريق إليه ، وإذا انتفى الدليل الشرعي ، انتفى الحكم الشرعي.
الثاني : مقتضى الاستصحاب بقاء الزوجية
ثبوت الزوجية متيقّن ، فلا ينتقل عنه إلى التحريم إلاّ بيقين ولا يقين في
__________________
(١) المحلّى : ١٠ / ٢١٣ ، المسألة ١٩٧٠.
(٢) الدرة المضيئة : ١٥٥ ـ ١٥٦.