الآن حصحص الحقّ
لقد أثبتت البحوث السابقة حول ما أُقيم من الأدلّة على حجّية القياس انّه ليس هناك دليل صالح قاطع للنزاع ، مفيد للعلم بأنّ الشارع جعل القياس حجّة فيما لا نصّ فيه ، وهناك نكتة جديرة بالتأمّل فيها ، وهي انّه إذا كان للقياس في الشريعة المقدسة هذه المنزلة في التشريع الإسلامي فلما ذا لم يقع في إطار البيان الصريح من النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ، كما وقع قول الثقة أو حجّية البيّنة في إطاره؟
وقد عرفت أنّ ما استدلّوا من كلام الشارع في ذلك المجال كلّها انتزاعات شخصية فرضت عليه ، وانّ عقيدة المستدل جرّته إلى أن يبحث عن الدليل حول عقيدته فلذلك جمع أشياء من هنا وهناك ليثبت بها مدّعاه ، والجميع بريء ممّا يرتئيه.
بقي هنا كلام وهو دراسة كلمات أئمّة أهل البيت في القياس ، فانّهم أحد الثقلين وكسفينة نوح ، حتّى نقف على موقفهم من القياس في الشريعة الإسلامية.
القياس في كلمات أئمّة أهل البيت ـ عليهمالسلام :
١. عن جعفر بن محمد ـ عليهماالسلام ـ عن أبيه ـ عليهالسلام ـ أنّ علياً ـ عليهالسلام ـ قال : «من نصب نفسه للقياس لم يزل دهره في التباس ، ومن دان الله بالرأي لم يزل دهره في ارتماس».
٢. كتب الإمام الصادق ـ عليهالسلام ـ في رسالة إلى أصحابه أمرهم بالنظر فيها وتعاهدها والعمل بها ، وقد جاء فيها : «لم يكن لأحد بعد محمّد ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ أن يأخذ بهواه ولا رأيه ولا مقاييسه ، ثمّ قال : واتبعوا آثار رسول الله وسنّته فخذوا بها ولا تتبعوا أهواءكم ورأيكم فتضلّوا».