بالآخر بنية تطبيق الكبرى على الصغرى.
وثانياً : أنّ القياس الوارد في الحديث من باب القياس الأولوي ، وقد مرّ أنّه خارج عن محلّ النزاع ، والشاهد عليه قوله : «أحقّ بالقضاء».
٤. حديث الأعرابي
عن أبي طاهر وحرملة بن يحيى قالا : أخبرنا ابن وهب ، أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة :
إنّ رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ جاءه أعرابي فقال : يا رسول الله إنّ امرأتي ولدت غلاماً أسود (وإنّي أنكرته) ، فقال له رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ : «هل لك من إبل؟» قال : نعم ، قال : «ما ألوانها؟» ، قال : حمر ، قال : «هل فيها من أورق؟» قال : نعم ، قال : «فأنّى كان ذلك؟» ، قال : أراه عرق نزعه ، قال : «فلعلّ ابنك هذا عرق نزعه». (١)
يلاحظ عليه : أنّ الأصل المقرّر في الشرع ، هو أنّ الولد للفراش ، ولم يكن للأعرابي نفي الولد بحجّة عدم التوافق في اللون ، وأراد النبيّ أن يبطل حجّته بأنّ عدم التوافق لا يكون دليلاً على عدم الإلحاق ، وليس ذلك بعجيب ، لأنّه يوجد نظيره في الحيوانات فالإبل الحمر ربّما تلد أورق بالرغم من حمرتها ، وقد بيّن وجهه في الحديث.
فلو صحت تسمية ذلك قياساً فإنّما هو في الأُمور الطبيعية لا في الأحكام الشرعية.
قال ابن حزم : وهذا من أقوى الحجج عليهم في إبطال القياس ، وذلك لأنّ الرجل جعل خلاف ولده في شبه اللون علّة لنفيه عن نفسه ، فأبطل رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ
__________________
(١) صحيح البخاري ، كتاب الحدود : ٨ / ١٧٣.