حكم الشبه ، وأخبره أنّ الإبل الورق قد تلدها الإبل الحمر ، فأبطل ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ أن تتساوى المتشابهات في الحكم ، ومن المحال الممتنع أن يكون من له مسكة عقل يقيس ولادات الناس على ولادات الإبل ، والقياس عندهم إنّما هو ردّ فرع إلى أصله وتشبيه ما لم ينصّ بمنصوص ، وبالضرورة نعلم أنّه ليس الإبل أولى بالولادة من الناس ، ولا الناس أولى من الإبل وأنّ كلا النوعين في الإيلاد ، والإلقاح سواء ، فأين هاهنا مجال للقياس؟ وهل من قال : إن توالد الناس مقيس على توالد الإبل ، إلاّ بمنزلة من قال : إنّ صلاة المغرب إنّما وجبت فرضاً لأنّها قيست على صلاة الظهر؟ وإنّ الزكاة إنّما وجبت قياساً على الصلاة.
وهذه حماقة لا تأتي بها إلاّ عضاريط أصحاب القياس ، لا يرضون بها لأنفسهم.
فكيف أن يضاف هذا إلى رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ الذي آتاه الله الحكمة والعلم دون معلّم للناس ، وجعل كلامه على لسانه ما أخوفنا أن يكون هذا استخفافاً بقدر النبوّة وكذباً عليه ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ. (١)
وممّا ذكرنا يعلم حال بعض ما استدلّ به على حجّية القياس نظير :
جاء في الحديث انّه قال لأُمّ سلمة «قد سُئلتْ عن قبلة الصائم : هل أخبرته انّي أُقبّل وأنا صائم». (٢)
يلاحظ عليه أوّلاً : أنّ لسان الرواية يأبى نسبة مضمونها إلى النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ فهو أسمى من أن يشهر بشيء يعود إلى شئونه وعوالمه الخاصة مع نسائه وحسبه من تبليغ الحكم بغير هذا الطريق. (٣)
__________________
(١) الإحكام : ٧ / ٤١٣ ـ ٤١٤.
(٢) الإحكام للآمدي : ٣ / ٧٨.
(٣) الأُصول العامة للفقه المقارن : ٣٤٤.