٣
التقية تاريخيّاً
ربما يتصوّر لأوّل وهلة انّ للتقية مبدأً تاريخياً ظهر في المجتمع الإنساني ، ولكن هذا التصور يجانب الحقّ ، فظاهرةُ التقية زامنت وجود الإنسان على هذا الكوكب يوم برز بين البشر القويّ والضعيف ، وصادر الأوّل حريات الثاني ولم يسمح له بإبداء ما يضمره عن طريق القول والفعل.
فظهور التقية في المجتمع البشري إذن ، كان تعبيراً عن مصادرة الحريات ، وسلاحاً لم يجد الضعيف بدّاً من اللجوء إليه للدفاع عن نفسه وعرضه وماله.
١. التقيّة في عصر الكليم
وأظهر مورد تبنّاه القرآن الكريم في هذا الصدد هو مؤمن آل فرعون ، يقول الله تعالى :
(وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ). (١)
__________________
(١) غافر : ٢٨.