مصادر التشريع فيما لا نصّ فيه عند أهل السنّة
١ ـ القياس
ظهر القول بالقياس بعد رحيل النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ لمواجهة الأحداث الجديدة وكان هناك اختلاف حادّ بين الصحابة في الأخذ به ، ولو توفرت بأيديهم نصوص في الموضوع ، لما حاموا حول القياس ، ولكن إعواز النصوص جرّهم إلى القياس لأجل معالجة المشاكل العالقة والمسائل المستحدثة وقد نقل ابن خلدون عن أبي حنيفة انّه لم يصح عنده من أحاديث الرسول إلاّ سبعة عشر حديثاً. (١)
فإذا كان الصحيح عنده هذا المقدار اليسير فكيف يقوم باستنباط الأحكام من الكتاب والسنّة؟ فلم يكن له محيص إلاّ اللجوء إلى القياس ونظائره.
فأئمّة أهل البيت ـ عليهمالسلام ـ ولفيف من الصحابة والتابعين رفضوه ، وأكثروا من ذمّه ، والشيعة عن بكرة أبيهم تبعاً للنبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وأهل بيته أبطلوا العمل بالقياس ، ووافقهم من الفقهاء داود بن خلف ، إمام أهل الظاهر ، وتبعه ابن حزم الأندلسي فلم يقيموا له وزناً ، وأوّل من توسع في القياس هو أبو حنيفة شيخ أهل القياس وتبعه مالك والشافعي وابن حنبل وقال الشافعي : ليس لأحد أبداً أن يقول في
__________________
(١) مقدّمة ابن خلدون : ٤٤٤ ، الفصل السادس في علوم الحديث.