أمر ليس في كتاب الله ولم يقض به نبيّه؟ قال : أقضي بما قضى به الصالحون. قال : فإن جاءك أمر ليس في كتاب الله ولم يقض به نبيّه ولا قضى به الصالحون؟ قال : أؤم الحقّ جهدي.
فقال رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ : الحمد لله الذي جعل رسول رسول الله يقضي بما يُرضى به رسول الله. (١)
ترى أنّ معاذاً يقدّم ما قضى به الصالحون على كلّ شيء ، بعد الكتاب والسنّة ، ولعلّ مراده هي الأعراف السائدة بين المجتمعات التي تكون مرجعاً للقضاء كما أوضحنا في بعض محاضراتنا الأُصوليّة (٢) حالها عند دراسة حجّية العرف والأعراف. ويحتمل أن يكون مراده ، هو ما ورد في الشرائع السالفة.
كما أنّ مراده من قوله : «أؤمّ الحقّ» هو التفكّر في الأُصول والقواعد الواردة في الكتاب والسنّة.
أضف إلى ذلك أنّ الرواية مرسلة ، لأنّ أبا عون لا يروي عن «معاذ» مباشرة ، لتأخّر طبقته في الحديث عن «معاذ» بطبقتين.
الصورة الثانية : عن عبد الرحمن بن غنم ، قال : حدثنا معاذ بن جبل ، قال :
لمّا بعثني رسول الله إلى اليمن ، قال : لا تقضينّ ولا تفصِلنّ إلاّ بما تعلم ، وإن أشكل عليك أمر فقف حتى تبيّنه أو تكتب إليَّ فيه. (٣)
وهي : متّصلة السند ولكن المتن غير ما جاء في الحديث بل يغايره تماماً ، وينفي مقالة حماة القياس.
الصورة الثالثة : ما وردت في الكتب الأُصولية ولعلّها منقولة بالمعنى.
قال أبو الحسين البصريّ : روي عن النبيّ ، أنّه قال لمعاذ وأبي موسى
__________________
(١) الإحكام : ٥ / ٢٠٨.
(٢) إرشاد العقول : ١ / ٢٨٥ ـ ٢٩١.
(٣) أخرجه ابن ماجة برقم ٥٥.