٤
محنة الشيعة
في عصر الأمويين والعباسيين
اشتهرت الشيعة بالتقيّة أكثر من سائر الفرق ، ولكونهم أكثر من غيرهم من حيث التعرّض للضغط ، ومصادرة الحريّات ، والأخذ بالظنّة ، والتشريد والقتل تحت كلّ حجر ومدر.
إنّ الذي دفع بالشيعة إلى التقية بين إخوانهم وأبناء دينهم إنّما هو الخوف من السلطات الغاشمة ، فلو لم يكن هناك في غابر القرون ـ من عصر الأمويين ثمّ العباسيين والعثمانيين ـ أيُّ ضغط على الشيعة ، ولم تكن بلادهم وعُقر دارهم مخضّبة بدمائهم (والتاريخ خير شاهد على ذلك) ، لأصبح من المعقول أن تَنْسى الشيعة كلمة التقية وأن تحذفها من قاموس حياتها ، ولكن ـ يا للأسف ـ إنّ كثيراً من إخوانهم كانوا أداة طيّعة بيد الأمويين والعباسيين الذين كانوا يرون في مذهب الشيعة خطراً على مناصبهم ، فكانوا يؤلِّبون العامة من أهل السنّة على الشيعة يقتلونهم ويضطهدونهم وينكلون بهم ، ولذا ونتيجة لتلك الظروف الصعبة ، لم يكن للشيعة ، بل لكل من يملك شيئاً من العقل وسيلة إلاّ اللجوء إلى التقية أو رفع اليد عن المبادئ المقدّسة التي هي أغلى عنده من نفسه وماله.