عِنْدَهُ قالَ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي). (١)
وهذا الجليس لم يكن نبيّاً ، ولكن كان عنده علم من الكتاب ، وهو لم يحصّله من الطرق العاديّة التي يتدرّج عليها الصبيان والشبان في المدارس والجامعات ، بل كان علماً إلهياً أُفيض إليه لصفاء قلبه وروحه ، ولأجل ذلك ينسب علمه إلى فضل ربّه ويقول : (هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي).
تضافرت الروايات على أنّ في الأُمّة الإسلامية ـ مثل الأُمم السابقة ـ رجالاً مخلصين محدَّثين تفاض عليهم حقائق من عالم الغيب من دون أن يكونوا أنبياء ، وإن كنت في شكّ من ذلك فارجع إلى ما رواه أهل السنّة في هذا الموضوع.
روى البخاري في صحيحه : لقد كان في من كان قبلكم من بني إسرائيل يُكلّمون من غير أن يكونوا أنبياء ، فإن يكن من أُمّتي منهم أحد فعمر. (٢)
قال القسطلاني ليس قوله : «فإن يكن» للترديد بل للتأكيد كقولك : إن يكن لي صديق ففلان ، إذ المراد اختصاصه بكمال الصداقة لا نفي الأصدقاء.
وإذا ثبت أنّ هذا وجد في غير هذه الأُمّة المفضولة فوجوده في هذه الأُمّة الفاضلة أحرى. (٣)
وأخرج البخاري في صحيحه بعد حديث الغار : عن أبي هريرة مرفوعاً : أنّه قد كان فيما مضى قبلكم من الأُمم محدَّثون إن كان في أُمّتي هذه منهم فإنّه عمر ابن الخطاب. (٤)
__________________
(١) النمل : ٤٠.
(٢) صحيح البخاري : ٢ / ١٤٩.
(٣) إرشاد الساري في شرح صحيح البخاري : ٦ / ٩٩.
(٤) صحيح البخاري : ٢ / ١٧١.