ينسى. (١)
يقول الذهبي : «في سنة مائة وثلاثة وأربعين شرع علماء الإسلام في تدوين الحديث والفقه والتفسير فصنف ابن جريج بمكة ، ومالك الموطّأ بالمدينة ، والأوزاعي بالشام ، وابن أبي عروبة وحماد بن سلمة وغيرهما بالبصرة ، ومعمر باليمن ، وسفيان الثوري بالكوفة ، وصنّف أبو إسحاق المغازي ، وصنف أبو حنيفة الفقه والرأي ـ إلى أن قال ـ وقبل هذا العصر كان الأئمة يتكلّمون من حفظهم أو يروون العلم من صحف صحيحة غير مرتبة. (٢)
أفيصحّ في منطق العلم ، اتهام صاحب الرسالة بعدم وضع ضمانات لازمة لحلّ العويصات التي تطرأ على المجتمع الإسلامي في هذه الفترة الطويلة ، فإذا لم يصحّ فما هي الضمانات اللازمة فيها ، وهل هناك مرجع آخر ، غير العترة الطاهرة الذين هم حَفَظة سُننه ورواةُ أحاديثه ، وعيبة علمه.
وهناك مشكلة أُخرى وهي عدم حضور أكثر الصحابة في عامة القضايا والوقائع التي يقضي فيها النبي ويُفتي أو يحدّث أو يقرر ، لأنّ أكثر الصحابة كانوا على النعت الذي يصفهم به ابن حزم ويقول : مشاغيل في المعاش ، وتعذر القوت عليهم لجهد العيش في الحجاز ، وانّه كان يفتي بالفتيا ويحكم بالحكم بحضرة من حضره من أصحابه فقط ، وانّه إنّما قامت الحجة على سائر من لم يحضر بنقل من حضره وهم واحد أو اثنان. (٣)
__________________
(١) جامع الأُصول : ١ / ٤٠.
(٢) تاريخ الخلفاء للسيوطي : ٣١٦.
(٣) الأُصول العامة للفقه المقارن : ١٦٦ ، نقلاً عن تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية : ١٢٣ ، نقلاً عن ابن حزم.