الثابتة بالكتاب والسنّة صريحاً لا يملك أحد تغييرها أو الخيار بينها وبين غيرها ، سواء أكان فرداً أم كان أُمّة مجتمعة».
يلاحظ على (١) ه أوّلاً : أنّ للحاكم الإسلامي اتّخاذ سياسة مناسبة من أجل دفع المجتمع إلى ما فيه صلاحه وزجره عمّا فيه فساده.
فالتعزيرات الشرعية معظمها من هذا الباب ويشترط فيها قبل كلّ شيء أن تكون أمراً حلالاً لا حراماً ، فلا يصحّ تعزير الناس بأمر لم يشرِّعه الشارع.
وعلى ضوء ذلك فلا يمكن أن يعد إمضاء عمر للتطليقات الثلاث سياسة شرعية ، لأنّه من قبيل دفع الناس إلى ما نهاهم الرسول ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ عنه وحذّرهم منه وعدّه لعباً بكتاب الله حيث قال غاضباً : «أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم؟!»
وثانياً : أنّ الصحابة والتابعين ومن تلاهم تلقوه تشريعاً قام به الخليفة لا حكماً تأديبياً ، ولذلك أخذوا به عبر القرون إلى يومنا هذا ، وما خالفه إلاّ النادر من أهل السنّة ، كابن تيمية في «الفتاوى الكبرى» ، وابن القيم في «اعلام الموقعين» و «إغاثة اللهفان».
والحقّ أن يقال : انّ إمضاء هذا النوع من الطلاق من قبل الخليفة بأيّ داع كان ، قد جرّ الويل والويلات على الأُسر والعائلات ، فصار سبباً لانفصام عُقَد الزوجية في عوائل كثيرة.
وممّا ذكرنا يظهر ضعف تبرير ابن قيم الجوزية عمل الخليفة بقوله : إنّ هذا القول قد دلّ عليه الكتاب والسنّة والقياس والإجماع القديم ، ولم يأت بعده إجماع يبطله ، ولكن رأى أمير المؤمنين عمر ـ رضى الله عنه ـ أنّ الناس قد استهانوا بأمر الطلاق وكثر منهم إيقاعه جملة واحدة ، فرأى من المصلحة
__________________
(١) نظام الطلاق في الإسلام : ٨٠.