كخراسان ، فكيف يستطيع أيّ متكلم بارع أو فقيه متضلّع أن يفكّر في تجديد الهيكلية الفقهية أو العقائدية ، أو يطرح وجهات نظره الخاصة ، إذ لا يؤمن من أن يؤخذ باتّهام مخالفته لأهل السنّة والجماعة ، فينكل به أو يحبس أو يصلب على أعواد المشانق؟!
وقد مضى انّه كتب كتاباً عرف باسم «الاعتقاد القادري» ، وكأنّه وحي منزل يجب أن يقرأ في كلّ جمعة ، وقد امتد ذلك طول خلافته الطويلة ، ومع أنّه توفّي عام ٤٢٢ ه ، ولكن السياسة التي ابتدعها للدولة دامت بعد موته في خلافة ابنه القائم بأمر الله ، وهذا هو ابن الجوزي يذكر في حوادث عام ٤٣٣ ه ـ انّه قرأ الاعتقاد القادري في الديوان ، وحضر الزهّاد والعلماء ، وممّن حضر الشيخ أبو الحسن علي بن عمر القزويني ، فكتب خطه تحته قبل أن يكتب الفقهاء ، وكتب الفقهاء خطوطهم فيه : إنّ هذا اعتقاد المسلمين ومن خالفه فقد فسق وكفر ، ثمّ ذكر نص الاعتقاد القادري. (١)
ويقول في آخره : هذا هو قول أهل السنّة والجماعة الذي من تمسّك به كان على الحق المبين ، وعلى منهاج الدين ، والطريق المستقيم ، ورجا به النجاة من النار ودخوله الجنة. (٢)
وقد ذكر عبد الوهاب خلاف في «خلاصة التشريع الإسلامي» عوامل أربع ربما تتداخل بعض ما ذكره فيما نقلناه عن الأُستاذ مصطفى أحمد الزرقاء ، فمن أراد التفصيل فليرجع إلى «خلاصة التشريع الإسلامي». (٣)
__________________
(١) المنتظم : ١٥ / ٢٧٩ ، حوادث سنة ٤٣٣ ه.
(٢) المنتظم : ١٥ / ٢٨١.
(٣) خلاصة التشريع الإسلامي : ٣٤١ وما بعدها.