بحوائج عصره.
فربّ علم ، لم يكن لازماً ، لعدم الحاجة إليه ، في العصور السابقة ، ولكنّه أصبح اليوم في طليعة العلوم اللازمة ، التي فيها صلاح المجتمع ، كالاقتصاد والسياسة.
٥. حفظ النظام وتأمين السبل والطرق ، وتنظيم الأُمور الداخلية ورفع المستوى الاقتصادي و... من الضروريات ، فيتبع فيه وأمثاله ، مقتضيات الظروف وليس فيه للإسلام حكم خاص يتبع ، بل الذي يتوخّاه الإسلام ، هو الوصول إلى هذه الغايات ، وتحقيقها بالوسائل الممكنة ، دون تحديد وتعيين لنوع هذه الوسائل وإنّما ذلك متروك إلى إمكانيات الزمان الذي يعيش فيه البشر ، وكلّها في ضوء القوانين العامة.
٦. قد جاء الإسلام بأصل ثابت في مجال الأموال ، وهو قوله سبحانه : (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ) ، وقد فرع الفقهاء على هذا الأصل شرطاً في صحّة عقد البيع أو المعاملة فقالوا : يشترط في صحّة المعاملة وجود فائدة مشروعة وإلاّ فلا تصح المعاملة ، ومن هنا حرّموا بيع (الدم) وشراءه.
إلاّ أنّ تحريم بيع الدم وشرائه ليس حكماً ثابتاً في الإسلام ، بل التحريم كان في الزمان السابق صورة إجرائية لما أفادته الآية من حرمة أكل المال بالباطل ، وكان بيع الدم في ذلك الزمان مصداقاً له ، فالحكم يدور مدار وجود الفائدة (التي تخرج المعاملة عن كونها أكل المال بالباطل) وعدم تحقّق الفائدة (التي تخرج المعاملة عن كونها أكل المال بالباطل) فلو ترتّبت فائدة معقولة على بيع الدم أو شرائه فسوف يتبدّل حكم الحرمة إلى الحلّية ، والحكم الثابت هنا هو قوله تعالى : (لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ).