البعض يرى توفر شروط العمل به دون البعض الآخر ، ومثله لا يقطع الخصومة.
وثالثاً : انّ مصب الآية هو التنازع فلو دلت الآية على حجّية القياس في باب التحاكم لاختصت دلالتها به ، وتعميمها إلى باب الإفتاء ، يحتاج إلى الدليل والتمسك بالقياس في هذا المورد ، يستلزم الدور ، لأنّ حجّية الآية في مورد الافتاء تتوقف على حجّية القياس ، والمفروض ، انّ حجّيته موقوف على دلالة الآية. (١)
٣. آية الاستنباط
قال سبحانه : (وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إِلاَّ قَلِيلاً). (٢)
وقد استدلّ به السرخسي في أُصوله ، وقال : والاستنباط استخراج المعنى من المنصوص بالرأي ، وقيل : المراد بأُولي الأمر : أُمراء السرايا ، وقيل : العلماء وهو الأظهر ، فإنّ أُمراء السرايا إنّما يستنبطونه بالرأي إذا كانوا علماء. (٣)
وقد تفرّد السرخسي في الاستدلال بها ، والمشهور هو الاستدلال بالآية السابقة ، غير أنّ تفسير أُولي الأمر بالعلماء تفسير على خلاف الظاهر ، وإلاّ لقال : «أُولي العلم منهم» ، كما قال سبحانه : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ). (٤)
يقول العلاّمة الطباطبائي : ومورد قوله : (وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ) هي الأخبار التي لها جذور سياسية ترتبط بأطراف شيء ربّما أفضى قبولها ، أو ردّها ، أو إهمالها بما فيها من المفاسد والمضار الاجتماعية إلى ما لا يمكن
__________________
(١) الأُصول العامة : ٣١٩.
(٢) النساء : ٨٣.
(٣) أُصول الفقه : ٢ / ١٢٨.
(٤) آل عمران : ١٨.