وقد استدلّ الشوكاني (١) بوجه ثالث قريب من الوجه الثاني هو انّه سبحانه أوجب المثل ولم يقل أيّ مثل فوكّل ذلك إلى اجتهادنا ورأينا ، نظيره أنّه أمر بالتوجه إلى القبلة بالاستدلال وقال : (حَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ). (٢)
يلاحظ عليه : أنّ الشارع وإن ترك لنا تشخيص الموضوعات ، إلاّ أنّه جعل لها طرقاً كالبيّنة ، مضافاً إلى الطرق العلمية في مورد القبلة ، وكون القياس أحد هذه الطرق أوّل الكلام.
٦. آية القدر
وتعلّقوا أيضاً بقوله تعالى : (عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ). (٣) قالوا : والمثلية والمقدار طريقة غالب الظن وبقوله : (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ). (٤) قالوا : وذلك طريقة غالب الظن. (٥)
يلاحظ عليه : أنّه إذا ثبتت حجّية الظنّ في مورد أو موردين لا يكون دليلاً على حجّيته مطلقاً ، ولو قيل بذلك يصير قياساً وكلامنا في مسألة القياس ، فكيف يستدلّ به على نفسه؟
٧. آية العدل
واستدلّ ابن تيمية على حجّية القياس بقوله سبحانه : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى). (٦) بتقريب انّ العدل هو التسوية ، والقياس هو التسوية بين مثلين في الحكم فيتناوله عموم الآية.
__________________
(١) إرشاد الفحول : ٢٠١.
(٢) البقرة : ٢٠١.
(٣) البقرة : ٢٣٦.
(٤) النساء : ٣.
(٥) عدة الأُصول : ٢ / ٢٧٦.
(٦) النحل : ٩٠.