ومع أنّ القائلين بالقاعدة ركّزوا على قسم واحد وهو ما عرفته ، لكن ذكر ابن القيم للذريعة أقساماً أربعة :
١. الوسائل الموضوعة للإفضاء إلى المفسدة كشرب الخمر المفضي إلى مفسدة السكر ، والزنا المفضي إلى اختلاط المياه وفساد الفراش.
٢. الوسائل الموضوعة للأُمور المباحة ، إلاّ انّ فاعلها قصد بها التوصّل إلى المفسدة كما يعقد البيع قاصداً الربا (كما في مثال الشاطبي).
٣. الوسائل الموضوعة للأُمور المباحة ، والتي لم يقصد بها التوصّل إلى المفسدة لكنّها مفضية إليها غالباً ، كسبّ آلهة المشركين المفضي إلى سبّ الله سبحانه وتزين المتوفى عنها زوجها في زمن عدّتها.
٤. الوسائل الموضوعة للمباح وقد تفضي إلى المفسدة ومصلحتها أرجح من مفسدتها ، كالنظر إلى المخطوبة ، أو المشهود عليها. (١)
هذا ولكن المالكية ثمّ الحنابلة الذين هم الأصل لتأسيس هذا الأصل ، يركزون على القسم الثاني من تلك الأقسام ، وهي الوسائل المباحة التي يقصد التوصّل بها إلى المفسدة. والحقّ اختصاص القاعدة به ، وذلك لأنّ القسم الأوّل في كلام ابن القيّم خارج عن محط البحث ، إذ مضافاً إلى أنّ نفس شرب المسكر حرام سواء أدّى إلى السكر أم لا ، انّ لازم ذلك ، دخول عامّة المحرمات النفسية الواردة في الكتاب والسنّة تحت هذا الأصل وبالتالي انقلابها من الواجب النفسي إلى الواجب الغيري بناء على القول بتبعية الأحكام للمصالح والمفاسد ، ومن المعلوم أنّ الغاية من تأسيس ذاك الأصل غير المحرمات النفسية.
كما أنّ الثالث ممّا مثل به من سب آلهة المشركين أو تزيّن المتوفّى عنها زوجها
__________________
(١) اعلام الموقعين : ٣ / ١٤٨.