زاهد ، تارك للدّخول في أمور الدّنيا ، وتولّي الولايات. من بيت مشهور بالتّقدّم والرّئاسة ، أحبّ طريقة الصّوفية ، والتّشبّه بهم في ملبسه وأخلاقه ، كثير الحجّ والمجاورة بمكة شرّفها الله.
له أثار حسنة منها مدرسة الفقهاء الشافعية شرقي بغداد مجاورة لعقد المصطنع ، ورباط للصّوفية مصاقبها ، ومسجد متّصل بذلك ، وجامع تصلّى فيه الجمعة على دجلة بالجانب الغربي ، ورباط للنّساء بقراح ابن رزين ، وغير ذلك من مواضع الخير. ووقف على ذلك من أملاكه ما يصرف في عمارته ومؤنة من يكون فيه.
سمع الحديث في صباه من أبي الحسن عليّ بن محمد ابن العلّاف ، وقرأ الأدب على أبي بكر بن جوامرد القطّان ، وامتنع في كبره من الرّواية فلم يسمع منه أحد إلا بجهد.
سمع منه تاج الإسلام أبو سعد ابن السّمعاني بعد سنة ثلاثين وخمس مئة بيسير ، وذكره في «تاريخه» ، وذكرناه نحن لأنّ وفاته تأخّرت عن وفاته. وسمع منه بعده أبو الفضل أحمد بن صالح بن شافع ، والقاضي عمر بن عليّ القرشي ، ورأيته ولم أقصد السّماع منه.
توفي في ليلة الأربعاء العشرين من شوّال سنة ثمان وسبعين وخمس مئة ، وصلّى عليه الخلق الكثير بجامع القصر ، وتقدّم في الصّلاة عليه الخطيب أبو جعفر ابن المهتدي بالله ، ودفن بالجانب الغربي بالجامع الذي بناه على دجلة.
١٢٥٥ ـ الحسن (١) بن هبة الله بن محفوظ بن الحسن بن صصرى
__________________
(١) ترجمه المنذري في التكملة ١ / الترجمة ١٢٦ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٨١٤ ، والمختصر المحتاج ٢ / ٢٧ ، وسير أعلام النبلاء ٢١ / ٢٦٤ ، والعبر ٤ / ٢٥٨ ، ودول الإسلام ٢ / ٧٣ ، والمشتبه ١١٥ ، وتذكرة الحفاظ ٤ / ١٣٥٨ ، والصفدي في الوافي ١٢ / ٢٩٢ ، واليافعي في مرآة الجنان ٣ / ٤٣٢ ، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه