وأما الوزير فإنّه لما قدم بغداد كان قد ولي الوزارة معز الدّين أبو المعالي ابن حديدة فطالع بقدومه الخدمة الشّريفة. ولم يزل بمنزله إلى أن عزل الوزير أبو المعالي بن حديدة يوم السّبت سابع عشري صفر سنة خمس وثمانين وخمس مئة ، فإنه ولي صدرية المخزن المعمور في هذا اليوم وردّت الدّواوين كلّها إليه ، فكان ينظر في المخزن المعمور وينوب عن ديوان المجلس إلى أن عزل في ذي القعدة من السنة المذكورة.
وفي جمادى الآخرة سنة سبع وثمانين رتّب أستاذا بالدّار العزيزة ـ ثبّت الله قواعدها بالعزّ ـ وردّت إليه الأمور الدّيوانية كلّها ، فكان الولاة وأرباب المناصب يحضرون عنده ، وتنفّذ الأمور بتقدماته إلى رجب سنة تسعين وخمس مئة ، فإنّه عيّن على مؤيّد الدين أبي الفضل محمد بن علي ابن القصّاب في توليته الوزارة ، وصرف ابن يونس عما كان يتولّاه ، وردّت الأمور إلى مؤيّد الدين المذكور (١).
وقد كان ابن يونس صنّف كتابا في علم الأصول والكلام ، فكان يقرأ عليه أيام ولايته أستاذية الدّار العزيزة ، ويحضر قراءته الفقهاء والعلماء والأعيان ولم تتم قراءته. وقد حدّث أيضا بشيء في تلك الأيّام فسمع منه عبد العزيز بن دلف الخازن ، وأبو الحسن محمد بن أحمد ابن القطيعي ، وداود بن بندار الجيلي وجماعة ممن يحضر مجلسه ، رحمهالله وإيانا.
١٧٦١ ـ عبيد الله (٢) بن الحسن بن عليّ ابن الدّوّاميّ ، أبو الفرج
__________________
(١) الذي لم يذكره المؤلف ـ ولعل سبب ذلك السياسة ـ هو أن ابن القصاب حين عزل ابن يونس قبض عليه ، واعتقله بداره ، أعني دار ابن القصاب ، فبقي بها معتقلا إلى أن توفي ابن القصاب في سنة ٥٩٢ ، فنقل ابن يونس من داره إلى دار الخلافة فحبس في بواطنها ، وكان آخر العهد به ، وذكر بعض المؤرخين أنه مات يوم الثلاثاء سابع عشر صفر سنة ٥٩٣ في محبسه بدار الخلافة فدفن في سرداب من سراديبها. (ينظر تاريخ ابن النجار ٢ / ١٧١ ـ ١٧٢).
(٢) ترجمه ابن النجار في تاريخه المجدد ٢ / ٤٢ ، والمنذري في التكملة ١ / الترجمة ٤٨١ ،