أبي شجاع محمد بن سعيد ابن الظّهيري. وبرز جوابه وقرئ بحضور الجماعة ، ونهض إلى الموضع الذي يجلس فيه الوزراء بالديوان العزيز ، وصلّى الجمعة بالمقصورة ، وعاد إلى الدّيوان ،. وكان يوما مطيرا ، فأقام به إلى آخر نهار اليوم المذكور ، وعاد إلى داره.
ولم يزل على وزارته متصرّفا في ولايته إلى أن خرج بالمعسكر المنصور متوجّها إلى همذان لما تبع الخارج بها طغري (١) بن أرسلان السّلجقي ليلقاه ، وذلك في أوائل صفر سنة أربع وثمانين وخمس مئة ، ومعه جماعة من أرباب الولايات والأمراء والأجناد والحواشي والأتباع بأجمل عدّة وأوفر عدة ، فلما بلغع موضعا يعرف بدامرك قريب من همذان لقيهم طغري المذكور فجاءة في يوم الخميس خامس شهر ربيع الأول من السّنة فجرى بينه وبين المعسكر المنصور مصاف على غير استعداد واختلط أصحابه بالمعسكر المنصور ، وانكشف النّقع عن وقوف الوزير جلال الدين في خاصّته ، وتفرّق المعسكر عنه ، فاستولى عليه أصحاب طغري ونقلوه بما كان معه من ثقل وأثاث إلى مخيّمهم. ثم دخلوا به همذان وبقي عندهم شهورا. ثم صار معهم إلى بلاد أذربيجان ، ثم خلص من أيديهم فصار إلى الموصل ، ومنها إلى بغداد في خفية ، فوردها في شهر رمضان من السنة المذكورة ، وصعد من شفارة (٢) كان بها بباب الأزج إلى داره بباب الأزج مختفيا. وأما من تخلّف من المعسكر بعده يوم المصاف فذهبوا متفرّقين واختلف بهم الطّرق وهلك معظمهم غرقا وفرقا ، ولم يصل منهم بغداد إلا من عرف الطّريق. وكان ورود أوائلهم إلى بغداد في خامس عشر ربيع الأوّل الذي قدّمنا ذكره ، وأخبروا بالحال ، وفقد جماعة لم يعرف لهم خبر.
__________________
(١) هكذا في النسختين ويكتب آخره باللام أيضا «طغرل».
(٢) هكذا في النسختين ، ولعل الصواب : «شبّارة» وهي نوع من الزوارق السريعة التي كانت تستعمل في نهر دجلة ، فقد تكون «الفاء» بديلة عن «الباء» ، والله أعلم.