ولم يزل سنجر ببغداد بعد هذه الحال مقيما بداره ، وله جراية والإنعام تشمله ، إلى أن توفّي يوم الاثنين خامس شوّال سنة عشر وست مئة ، وصلّي عليه بعد العصر من هذا اليوم بجامع القصر الشّريف ، وحضره أرباب المناصب والفقهاء والعلماء ، وتقدّم في الصّلاة عليه قاضي القضاة أبو القاسم ابن الدّامغاني ، وحمل إلى الجانب الغربي ، فدفن بمقبرة الشّونيزي.
١٥٤١ ـ سنقر (١) بن عبد الله التّركي ، أبو سعيد ، أحد مماليك الخدمة الشّريفة الإماميّة النّاصرية ـ أعزّ الله أنصارها وضاعف اقتدارها ونصر عساكرها ـ يلقّب وجه السّبع.
حج بالنّاس مرّتين أميرا عليهم أولهما سنة خمس وتسعين وخمس مئة ، والثّانية سنة اثنتين وست مئة ، فلما عاد بهم في محرم سنة ثلاث وست مئة وبلغ موضعا يعرف بالمرجوم فارقهم واستخلف عليهم بعض الأتراك ، وتوجّه نحو الشّام في نفر من أصحابه يسير ، ودخل الحاج العراق سالمين ، وأخبروا بمفارقته وصار هو إلى دمشق وقبله أمراؤها. ثم صار إلى مصر وأقام هناك إلى سنة ثمان وست مئة ، فإنه سأل الملك العادل ملك الشّام الشّفاعة في حقّه إلى الدّيوان العزيز مجّده الله والصّفح عن جرمه والإذن له في العود إلى الأبواب الشّريفة ، وأن يجدّد عهده بتقبيل عتبتها الشّريفة ، فشفع فيه ، فقبلت شفاعته وأذن له في العود ، فوصل إلى بغداد يوم الاثنين تاسع عشر جمادى الآخرة من السّنة المذكورة ، ودخلها ضحى هذا اليوم ، وقصد باب النّوبي المحروس وقبّل العتبة الشّريفة. ثم صار إلى دار مؤيّد الدّين نائب الوزارة ، فلقيه ، ثم من عنده قصد البدرية الشّريفة ولقي عزّ الدين نجاح الشّرابي. ثم انفصل من عنده إلى دار بخربة إلياس من السّوق الجديد. ثم بعد ذلك أقطع الكوفة وأعمالها ، وأضيف إليه
__________________
(١) أخباره في الكامل لابن الأثير ١٢ / ٢٥٨ وتاريخ الإسلام للذهبي ١٣ / ١٠ ، وترجمته في الوافي للصفدي ١٥ / ٤٨٩ وغيره.