بالدّيوان العزيز ـ مجّده الله ـ وعز الدين أبو اليمن نجاح بن عبد الله مولى أمير المؤمنين النّاصر لدين الله ـ خلّد الله ملكه ـ وخاصّته وفي صحبتهما العساكر والأجناد وخلق كثير ، وخرجوا إليه في ربيع الأول سنة سبع وست مئة ، فلما قاربوا خرج عن تستر بنفسه وبمن تبعه مجرّدين هاربين قاصدين شيراز من بلاد فارس ، فدخل المعسكر المنصور تستر وأعمالها وأصلحوا ما كان شعث بها من الأمور ، ثم قصدوا شيراز فلما قاربوها وقد وصلها سنجر وحصل عند زعيمها ، راسلهم زعيمها وفرق من قدومهم عليه ، وبذل تسليم سنجر ، فقبلوا ذلك منه ، واستقرّ الأمر على تسليمه وعودهم ، فسلّمه (١).
وعاد المعسكر المنصور وسنجر معهم وجماعة من أصحابه تحت الاستظهار ، فدخلوا بغداد في رابع عشري محرم سنة ثمان وست مئة سالمين مظفّرين ، واعتقل سنجر وأصحابه.
فلما كان يوم الاثنين خامس صفر من السنة عقد مجلس بدار مؤيّد الدّين حضر فيه أرباب المناصب والعلماء والأعيان ، وأحضر سنجر وقرئت كتب كان كتبها في أيام مخالفته إلى نوّابه وأصحابه بأعمال تستر بمعاملة من ظفروا به من أصحاب الدّيوان العزيز وأتباعه بالسّوء ، وقرّر على ذلك ، فاعترف به ، فلما انتهت قال مؤيّد الدّين للجماعة : قد عرفتم ما ارتكبه هذا الحاضر من مفارقة الطّاعة وإظهار المخالفة ، وما ظهر من أفعاله الموجبة للمؤاخذة ، ومع ذلك فإنّ السّلطان أعزّ الله نصره قد عاد عليه بالعفو عن ذنبه والصّفح عن جرمه ، وشمله بإنعامه ، وأمر أن يخلع عليه ويرد إلى داره وأهله ، يعني زوجته ابنة طاشتكين ، فخلع عليه في الحال ، وأطلق وأركب مركوبا جميلا ، ومضى إلى داره بالصّاغة قريب الدّيوان العزيز ـ مجده الله ـ وكثر الدّعاء للخدمة الشّريفة ، وتفرّق الجماعة.
__________________
(١) ينظر تاريخ الإسلام للذهبي ١٣ / ٢١.