فقلت : حسبي بقلبي في تذكّره |
|
فقال : لي القلب والأفكار ملك يدي |
قلت الوصال حياتي منك يا أملي |
|
قال الوصال فراق الروح للجسد |
فقلت : أهلا بما يرضى الحبيب به |
|
فإنّ قلبي لا يلوى على أحد |
ومن أقواله الصّوفية ، وكلها تشير إلى ذلك المعنى : [الطويل]
ركبنا مطايا شوقنا نبتغي السّرى |
|
وللنّجم قنديل يضيء لمن سرى |
وعين الدّجى قد نام لم يدر ما بنا |
|
وأجفاننا بالسّهد لم تطعم الكرى |
إلى أن رأينا اللّيل شاب قذاله |
|
ولاح عمود الفجر غصنا منوّرا |
لمحنا برأس البعد نارا منيرة |
|
فسرنا لها نبغي الكرامة والقرا |
وأفضى بنا السير الحثيث بسحرة |
|
لحانة دير بالنواقس دورا |
فلمّا حللنا حبوة السير عنده |
|
وأبصرنا القسّيس قام مكبّرا |
وحرّك ناقوسا له أعجم الصّدا |
|
فأفصح بالسّر الذي شاء مخبرا |
وقال لنا : حطّوا حمدتم مسيركم |
|
وعند الصّباح يحمد القوم السرى (١) |
نعمتم صباحا ما الذي قد أتى بكم |
|
فقلنا له : إنا أتيناك زوّرا |
وراحتنا في الرّاح إن كنت بائعا |
|
فإنّ لدينا فيه أربح مشترى |
فقال لكم : عندي مدام عتيقة |
|
مخلّدة من قبل آدم أعصرا |
مشعشعة كالشمس لكن تروحنت |
|
وجلّت عن التجسيم قدما فلا ترى |
وحلّ لنا في الحين ختم فدامها |
|
فأسدى لنا مسكا فتيقا وعنبرا |
وقلنا : من السّاقي فلاح بوجهه |
|
فأدهش ألباب الأنام وحيّرا |
وأشغلنا عن خمره بجماله |
|
وغيّبنا سكرا فلم ندر ما جرى |
ومن شعره في المعنى : [البسيط]
يا نائما يطلب الأسرار إسرارا |
|
فيك العيان ونبغي بعد آثارا |
أرجع إليك ففيك الملك مجتمع |
|
والفلك والفلك العلوي قد دارا |
أنت المثال وكرسي الصّفات فته |
|
على العوالم إعلانا وإسرارا |
والطّور والدّرّ منثورا وقد كتبت |
|
أقلام قدرته في اللّوح آثارا |
__________________
(١) عجز البيت مثل يضرب لمن يحتمل المشقّة رجاء الراحة ، ويضرب أيضا في الحثّ على مزاولة الأمر والصبر. مجمع الأمثال (ج ٢ ص ٣).