يقول شاكر الأيادي : وذاكر فخر كل نادي ، وناشر غرر الغرر للعاكف والبادي ، والرائح والغادي ، اسمعوا مني حديثا تلذّة الأسماع ، ويستطرفه الاستماع ، ويشهد بحسنه الإجماع ، ويجب عليه الاجتماع ، وهو من الأحاديث التي لم تتفق إلّا لمثلي ، ولا ذكرت عن أحد قبلي ، وذلك يا معشر الألبّاء ، والخلصاء الأحبّاء ، أني دخلت في هذه الأيام داري ، في بعض أدواري ، لأقضي من أخذ الغذاء أوطاري ، على حسب أطواري ، فقالت لي ربّة البيت : لم جئت ، وبما أتيت؟ قلت : جئت لكذا وكذا ، فهات الغذا ، فقالت : لا غذا لك عندي اليوم ، ولو أودى بك الصّوم ، حتى تسل الاستخارة ، وتفعل كما فعل زوج الجارة ، طيّب الله نجاره ، وملأ بالأرزاق وجاره. قلت : وما فعل قريني ، وأرني من العلامة ما أحببت أن تريني. قالت : إنه فكّر في العيد ، ونظر في أسباب التّعييد ، وفعل في ذلك ما يستحسنه القريب والبعيد ، وأنت قد نسيت ذكره ومحوته من بالك ، ولم تنظر إليه نظرة بعين اهتبالك ، وعيد الأضحى في اليد ، والنّظر في شراء الأضحية اليوم أوفق من الغد. قلت : صدقت ، وبالحقّ نطقت ، بارك الله فيك ، وشكر جميل تحفّيك ، فلقد نبّهت بعلك لإقامة السّنة ، ورفعت عنه من الغفلة منّة. والآن أسير لأبحث عمّا ذكرت ، وأنظر في إحضار ما إليه أشرت ، ويتأتّى ذلك إن شاء الله بسعدك ، وتنالين فيه من بلوغ الأمر غاية قصدك ، والجدّ ليس من الهزل ، والأضحية للمرأة وللرجل الغزل. قالت : دعني من الخرافات ، وأخبار الزّرافات ، فإنّك حلو اللسان ، قليل الإحسان ، تخذت الغربة صحبتك إلى ساسان ، فتهاونت بالنّساء ، وأسأت فيمن أساء ، وعوّدت أكل خبزك في غير منديل ، وإيقاد الفتيل دون قنديل ، وسكنى الخان ، وعدم ارتفاع الدّخان ، فما تقيم موسما ، ولا تعرف له ميسما ، وأخذت معي في ذلك بطويل وعريض ، وكلانا في طرفي نقيض ، إلى أن قلت لها : إزارك وردائي ، فقد تفاقم بك أمر دائي ، وما أظنّك إلّا بعض أعدائي ، قالت : ما لك والإزار ، شطّ بك المزار؟ لعلك تريد إرهانه في الأضحية والأبزار ، اخرج عني يا مقيت ، لا عمرت معك ولا بقيت ، أو عدمت الدّين ، وأخذ الورق بالعين. يلزمني صوم سنة ، لا أغفيت معك سنة ، إلّا إن رجعت بمثل ما رجع به زوج جارتي ، وأرى لك الرّبح في تجارتي. فقمت عنها وقد لوت رأسها وولولت ، وابتدرت وهرولت ، وجالت في العتاب وصوّلت ، وضمّت بنتها وولدها ، وقامت باللّجج والانتصار بالحجج أودها ، فلم يسعني إلّا أن عدوت أطوف السّكك والشوارع ، وأبادر لما غدوت بسبيله وأسارع ، وأجوب الآفاق ، وأسأل الرّفاق ، وأخترق الأسواق ، وأقتحم زريبة بعد زريبة ، وأختبر منها البعيدة والقريبة ، فما استرخصته استنقصته ، وما استغليته استعليته ، وما وافق غرضي ، اعترضني دونه عدم عرضي ، حتى انقضى ثلثا يومي ، وقد عييت بدوراني وهومي ، وأنا لم أتحصل من