رحماك بي فلقد جرّعتني غصصا |
|
أثار تعريضها المكتوم من غصّ |
بليتني بنكاة (١) القرح في كبدي |
|
كمثل مرتجف المجذوم بالبرص |
أيها الأخ الذي رقى ومسح ، ثم فصح ، وغشّ ونصح ، ومزّق ثم نصح ، وتلاهب بأطراف الكلام المشقّق فما أفصح ، ما لسحّاتك ذات الجيد المنصوص ، توهم سمة الودّ المرصوص ، ثم تعدل إلى التأويلات عن النّصوص ، وتؤنس على العموم ، وتوحش على الخصوص ، لا درّ درّه من باب برّ ضاع مفتاحه ، وتأنيس حرّ سبق بالسجن استفتاحه ، ومن الذي أنهى إلى أخي خبر ثقافي ، ووثيقة تحبيسي وإيقافي ، وقد أبى ذلك سعد فرعه باسق ، وعزّ عقده متناسق. (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ)(٢) ، بل المثوى والحمد لله جنّات وغرف ، والمنتهى مجد وشرف ، فإن كان وليّي مكترثا فيحقّ له السّرور ، أو شامتا فلي الظّل وله الحرور. أنا لا أزنّ والحمد لله بها من هناه ، ولما أدين بها من عزّي ومناه ، ولا تمرّ لي ببال فلست بذي سيف ولست بنكال نفسي أرقّ شيمة ، وأكرم مشيمة ، وعيني أغزر ديمة ، لو كان يسأل لسان عن إنسان ، أو مجاولته بملعبه خوان ، أوقفني إخوان لا بمأزق عدوان ، لارتسمت منه بديوان ، لا يغني في حرب عوان. عين هذا الشكل والحمد لله فراره ، وعنوان هذا الحدّ غراره. وأما كوني من جملة الصّفرة ، وممن أجهز سيدي الفقار على ذي الفقرة ، فأقسم لو ضرب القتيل ببعض البقرة ، لتعين مقدار تلك الغفرة. اللهمّ لو كنت مثل سيدي ممن تتضاءل النخلة السّحوق لقامته ، ويعترف عوج لديه بقماءته ودمامته ، مقبل الظّعن كالبدور في سحاب الخدور ، وخليفة السّيد الذي بلغت سراويله تندوة العدوّ الأيّد ، لطلت بباع مديد ، وساعدني الخلق بساعد شديد ، وأنا لي جسم شحت ، يحف به بخت ، وحسب مثلي أن يعلم في ميدان هوى تسلّ فيه سيوف اللّحاظ ، على ذوي الحفاظ ، وتشرع سيوف القدود ، إلى شكاة الصّدود ، وتسطو أولو الجفون السّود بالأسود ، فكيف أخشى تبعة تزلّ عن صفاتي ، وتنافي صفاتي ، ولا تطمع أسبابها في التفاتي ، ولا تستعمل في حربها قنا ألفاتي. والله يشكر سيدي على اهتباله ، ويحلّ كريم سباله ، على ما ظهر لأجلي من شغف باله ، إذ رفع ما ينصب ، وغيّر ما لو غيّره الحجاج لكان مع الهيبة يحصب ، ونكّت بأن نفقت بالحظ سوقي ، وظهر لأجله فسوقي ، ويا حبّذا هو من شفيع رفيع ووسيلة لا يخالفها الرّعي ، ولا
__________________
(١) أصل القول : «بنكأة» ، وكذا ينكسر الوزن ، فاقتضى حذف الهمزة ، والنّكأة : من نكأ القرحة إذا قشرها قبل أن تبرأ.
(٢) سورة الحجرات ٤٩ ، الآية ٦.