وقفت أنشد صبرا ضاع بعدهم |
|
فيهم وأسأل رسما لا يناجيني |
أمثّل الرّبع من شوق وألثمه |
|
وكيف والفكر يدنيه ويقصيني |
وينهب الوجد منّي كلّ لؤلؤة |
|
ما زال جفني (١) عليها غير مأمون |
سقت جفوني مغاني الرّبع بعدهم |
|
فالدمع وقف على أطلاله الجون |
قد كان للقلب عن داعي الهوى شغل |
|
لو أنّ قلبي إلى السّلوان يدعوني |
أحبابنا ، هل لعهد الوصل مدّكر |
|
منكم وهل نسمة منكم تحيّيني؟ |
ما لي وللطّيف لا يعتاد زائره |
|
وللنسيم عليلا لا يداويني |
يا أهل نجد ، وما نجد وساكنها |
|
حسنا سوى جنّة الفردوس والعين (٢) |
أعندكم أنّني ما مرّ ذكركم |
|
إلّا انثنيت كأنّ الرّاح تثنيني |
أصبو إلى البرق من أنحاء أرضكم |
|
شوقا ، ولولاكم ما كان يصبيني (٣) |
يا نازحا والمنى تدنيه من خلدي |
|
حتى لأحسبه قربا يناجيني |
أسلى هواك فؤادي عن سواك وما |
|
سواك يوما بحال عنك يسليني |
ترى الليالي أنستك ادّكاري يا |
|
من لم يكن ذكره الأيام تنسيني |
ومنها في ذكر التفريط :
أبعد مرّ الثلاثين التي ذهبت |
|
أولي الشّباب بإحساني وتحسيني |
أضعت فيها نفيسا ما وردت به |
|
إلّا سراب غرور ليس يروّيني |
وا حسرتا (٤) من أمان (٥) كلّها خدع |
|
تريش غيّي ومرّ الدّهر يبريني |
ومنها في وصف المشور (٦) المبتنى (٧) لهذا العهد :
يا مصنعا شيّدت منه السّعود حمى |
|
لا يطرق الدهر مبناه بتوهين |
صرح يحار لديه الطّرف مفتتنا |
|
فما يروقك من شكل وتلوين (٨) |
__________________
(١) في التعريف بابن خلدون : «قلبي».
(٢) العين : جمع عيناء وهي الواسعة العينين. لسان العرب (عين).
(٣) يصبيني : يجعلني أصبو. لسان العرب (صبا).
(٤) في النفح : «وا حسرتي».
(٥) في الأصل : «أمانيّ» وهكذا ينكسر الوزن ، والتصويب من النفح.
(٦) المشور : المكان الذي يجلس فيه السلطان للحكم.
(٧) في النفح : «المبني».
(٨) في النفح : «وتكوين».