وأرى الليالي رنّقت لي صافيا |
|
منها فأصبح في الأجاج شروعي (١) |
ولقد خلصت إليك بالقرب التي |
|
ليس الزمان لشملها بصدوع |
ووثقت منك بأيّ وعد صادق |
|
إني المصون وأنت غير مضيع |
وسما بنفسي للخليفة طاعة |
|
دون الأنام هواك قبل نزوع |
حتى انتحاني الكاشحون بسعيهم |
|
فصددتهم عني وكنت منيعي |
رغمت نفوسهم (٢) بنجح وسائلي |
|
وتقطّعت أنفاسهم بصنيعي |
وبغوا بما نقموا عليّ خلائقي |
|
حسدا فراموني بكلّ شنيع |
لا تطمعنّهم ببذل في التي |
|
قد صنتها عنهم بفضل قنوعي |
أنّى أضام وفي يدي القلم الذي |
|
ما كان طيّعه لهم بمطيع |
ولي الخصائص ليس تأبى رتبة |
|
حسبي بعلمك (٣) ذاك من تفريعي |
قسما بمجدك وهو خير أليّة (٤) |
|
أعتدّها لفؤادي المصدوع |
إني لتصطحب الهموم بمضجعي |
|
فتحول ما بيني وبين هجوعي |
عطفا عليّ بوحدتي عن معشر |
|
نفث الإباء صدودهم في روعي |
أغدو إذا باكرتهم متجلّدا |
|
وأروح أعثر في فضول دموعي |
حيران أوجس عند نفسي خيفة |
|
فتسرّ في الأوهام كلّ مروع |
أطوي على الزّفرات قلبا إدّه (٥) |
|
حمل الهموم تجول بين ضلوعي |
ولقد أقول لصرف دهر رابني |
|
بحوادث جاءت على تنويع |
مهلا عليك فليس خطبك ضائري |
|
فلقد لبست له أجنّ دروع (٦) |
إني ظفرت بعصمة من أوحد |
|
بذّ الجميع بفضله المجموع |
وأنشد السلطان أمير المسلمين أبا عبد الله ابن أمير المسلمين أبا الحجاج ، لأول قدومه ليلة الميلاد الكريم ، من عام أربعة وستين وسبعمائة (٧) : [البسيط]
حيّ المعاهد كانت قبل تحييني |
|
بواكف الدمع يرويها ويظميني |
إنّ الألى نزحت داري ودارهم |
|
تحمّلوا القلب في آثارهم دوني |
__________________
(١) رنّقت : كدّرت. الأجاج : الملح الأجاج وهو الشديد الملوحة. لسان العرب (رنق) و (أجج).
(٢) في النفح : «أنوفهم».
(٣) في النفح : «بعلمي».
(٤) الأليّة : القسم. لسان العرب (ألا).
(٥) في النفح : «آده».
(٦) أجنّ دروع : أكثرها وقاية. لسان العرب (جنن).
(٧) القصيدة في التعريف بابن خلدون (ص ٨٥ ـ ٨٦) ونفح الطيب (ج ٨ ص ٣٢٤ ـ ٣٢٦).