جنّة ، لكنها بشّرتني بما يقلّ لمهديه (١) بذل النفوس وإن جلّت ، وأطلعتني من السرّاء على وجه تحسده الشمس إذا تجلّت ، بما أعلمت (٢) به من جميل اعتقاد مولانا أمير المؤمنين أيّده الله ، في عبده ، وصدق المخيلة في كرم مجده. وهذا هو الجود المحض ، والفضل الذي شكره هو الفرض. وتلك الخلافة المولويّة تتّصف بصفة (٣) من يبدأ بالنّوال ، من قبل الضّراعة والسؤال ، من غير اعتبار للأسباب ولا مجازاة للأعمال. نسأل الله أن يبقي منها على الإسلام أوفى الظّلال ، ويبلغها من فضله أقصى الآمال. ووصل ما بعثه سيدي صحبتها من الهديّة ، والتحفة الوديّة ، وقبلتها امتثالا ، واستجليت منها عتقا وجمالا. وسيدي في الوقت أنسب إلى اتخاذ (٤) ذلك الجنس ، وأقدر على الاستكثار من إناث البهم والإنس. وأنا ضعيف القدرة ، غير مستطيع لذلك إلّا في النّدرة ، فلو رأى سيدي ، ورأيه سداد ، وقصده فضل ووداد ، أن ينقل القضيّة إلى باب العارية من باب الهبة ، مع وجوب (٥) الحقوق المترتّبة ، لبسط خاطري وجمعه ، وعمل في رفع المؤنة على شاكلة حالي معه ، وقد استصحبت مركوبا يشقّ عليّ هجره ، ويناسب مقامي شكله ونجره (٦) ، وسيدي في الإسعاف على الله أجره ، وهذا أمر عرض ، وفرض فرض ، وعلى نظره المعوّل ، واعتماد إغضائه هو المعقول الأول. والسلام على سيدي من معظّم قدره ، وملتزم برّه ، ابن الخطيب ، في ليلة الأحد السابع والعشرين لذي قعدة سنة (٧) خمس (٨) وخمسين وسبعمائة ، والسّماء قد جادت بمطر سهرت منه الأجفان ، وظنّ أنه طوفان ، واللّحاف في غد (٩) بالباب المولوي ، مؤمل بحول الله.
ومن الشعر المنسوب إلى محاسنه ، ما أنشد عنه ، وبين يديه ، في ليلة الميلاد المعظم ، من عام ثلاثة وستين وسبعمائة بمدينة فاس المحروسة (١٠) : [مجزوء الرجز]
أيا نسيم (١١) السّحر |
|
بالله (١٢) بلّغ خبري |
إن أنت يوما بالحمى |
|
جررت فضل المئزر |
__________________
(١) في النفح : «لمؤديه».
(٢) في النفح : «أعلمتني».
(٣) في النفح : «بصفات».
(٤) في النفح : «لاتخاذ».
(٥) في النفح : «وجود».
(٦) النّجر ، بفتح النون وسكون الجيم : الأصل واللون. لسان العرب (نجر).
(٧) كلمة «سنة» غير واردة في النفح.
(٨) في الأصل : «خمسة» وهو خطأ نحوي.
(٩) في النفح : «غدها».
(١٠) القصيدة في نفح الطيب (ج ٧ ص ٣٧٢ ـ ٣٧٨).
(١١) في نفح الطيب : «قل لنسيم».
(١٢) في نفح الطيب : «لله».